مرضاته، (كَذَبْتَ) بتخفيف الذال المعجمة؛ أي: كَذَبت في دعواك أنك استُشهدت فيّ، وزاد في رواية الترمذيّ الآتية في المواضع الثلاثة:"وتقول له الملائكة: كذبتَ". (وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ؛ لأَنْ يُقَالَ)؛ أي: ليتحدّث الناس، ويقولوا فلانٌ (جَرِيءٌ) بالهمز، فعيلٌ بمعنى فاعل، من جرُؤَ جَرَاءة، كشَجُعَ شَجَاعَةً وزنًا ومعنًى، وقال القرطبيّ: الجريء بالهمز: هو الْمِقدام على الشيء، لا ينثني عنه، وإن كان هائلًا، مأخوذ من الجرأة. انتهى (١)؛ أي: قاتلت ليقول الناس: إنك شُجاع، (فَقَدْ قِيلَ)؛ أي: قال الناس ذلك، واستوفيتَ ما طلبتَ، فلا أجر لك عندي، وهذا مبنيّ على أن العادة حصول هذا القول، وإلا فحَبَطُ العمل لا يتوقّف على هذا القول، بل يكفي فيه أن ينوي الرياء، والله تعالى أعلم.
(ثُمَّ أُمِرَ بِهِ، فَسُحِبَ)؛ أي: جُرّ (عَلَى وَجْهِهِ، حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ) ببناء الأفعال الثلاثة للمفعول؛ أي: ثم بعد أن قال الله تعالى له: إن ما كنت تطلبه من الناس قد حصل لك، أمر ملائكته أن يدخلوه النار، جزاءَ سوء فعله، فسحبوه؛ أي: جرّوه إلى أن قذفوه في النار.
ثم ذكر الرجل الثاني من الثلاثة الذين هم أول من يُقضى عليه، بقوله:
(وَرَجُلٌ)؛ أي: الثاني رجلٌ (تَعَلَّمَ الْعِلْمَ) لنفسه (وَعَلَّمَهُ) الناسَ (وَقَرَأَ الْقُرْآنَ، فَأُتِيَ بِهِ) بالبناء للمفعول، (فَعَرَّفَهُ) بتشديد الراء، (نِعَمَهُ، فَعَرَفَهَا) بتخفيف الراء. (قَالَ) الله تعالى (فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ، وَعَلَّمْتُهُ) ابتغاء وجهك (وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ، قَالَ) الله تعالى (كَذَبْتَ) بتخفيف الذال، وفي رواية الترمذيّ:"وتقول الملائكة: كذبتَ"، (وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ؛ لِيُقَالَ: عَالِمٌ) خبر لمحذوف؛ أي: هو، أو أنت، (وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ؛ لِيُقَالَ: هُوَ قَارِئٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ، فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ، حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ) ببناء الأفعال الثلاثة للمفعول، كما تقدّم.