للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فإذا رجع سالِمًا غانِمًا، فقد حصل له ثلثا ما أعدّ الله له، وبقي له عند الله الثلث، وإن رجع بغير غنيمة عوّضه الله عن ذلك ثوابًا في مقابلة ما فاته، وكأن معنى الحديث أنه يقال للمجاهد: إذا فات عليك شيء من أمر الدنيا عوّضتك عنه ثوابًا، وأما الثواب المختصّ بالجهاد فهو حاصل للفريقين معًا، قال: وغاية ما فيه عَدّ ما يتعلق بالنعمتين الدنيويتين أجرًا بطريق المجاز، والله أعلم. انتهى (١).

وهذا توجيه وجيهٌ، لا يَدَع مجالًا للإشكال، وأما ما ذكروا من حلّ الغنيمة لهذه الأمة، والتمدّح بها، وتناول السلف لها برغبة، فإن ذلك لا إشكال فيه؛ لأن الحرمان من الغنيمة مصيبة يؤجر عليها الغازي، وكذلك حال كلّ مصيبة، ولكن لا يجوز أن يتمنّى الرجل مصيبةً لزيادة الأجر، وإنما أُمر بأن يسأل الله تعالى العافية، ثم إن الغنيمة مصالح عظيمة، من كونها قوّة للمسلمين، فلا مانع من أن يفتقر لها بعض النقص في الأجر.

وكذلك الاستدلال بفضيلة أهل بدر على أهل أُحُد استدلال في محلّه؛ إذ مفاد حديث الباب أن أهل بدر لو لم يغنموا شيئًا كان أجرهم أكثر مما حصل لهم بعد الغنيمة، فالتقابل بين كمال الأجر ونقصانه لمن يغزو بنفسه إذا لم يغنم، أو يغزو فيغنم، ولا ينفي ذلك أن يكون حالهم أفضل من حال غيرهم من جهة أخرى، فأفضلَ اللهُ - سبحانه وتعالى - أهل بدر على مَنْ بعدهم بحيث يفضل الغانم منهم على غير الغانم بعدهم، فإن ذلك فضله يؤتيه من يشاء والله تعالى أعلم. انتهى (٢).

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - هذا من أفراد المصنّف - رحمه الله -.

(المسألة الثانية): في تخريجه:


(١) "الفتح" ٦/ ١٠.
(٢) راجع: "تكملة فتح الملهم" ٣/ ٤٤٣ - ٤٤٤.