للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الخلاف خَصَّصَ الأعمال بما لا يكون قولًا، وأخرجَ الأقوال من ذلك، قال: وفي هذا عندي بُعْد، ولا تردّد عندي في أن الحديث يتناول الأقوال أيضًا. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: ويتناول الحديث أيضًا التروك؛ لأنها أفعال، قال الشيخ إبراهيم الكرديّ: الترك إذا أريد به كفّ النفس، فهو فعل اختياريّ، وكل فعل اختياريّ يختلف باختلاف النيات، وقد صحّ: "إذا أراد عبدي أن يعمل سيئة" إلى قوله: "وإن تركها من أجلي، فاكتبوها له حسنةً"، ومفهومه أنه إذا لم يتركها من أجل الله لا تُكتب له حسنة، وهو كذلك كما قاله الغزالي وغيره، "إذا أراد عبدي أن يعمل سيئة. . .".

قال الصنعانيّ: بل قد نقل الشيخ نفسه أنه قد قيل: إذا تركها لخوف المسلمين كان آثمًا.

قال الشيخ: "ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه"، فنقول: الكفّ إن كان تركًا للشر لله فهو خير، وإن كان تركًا للخير بلا عذر شرعيّ فهو شرّ، والعمل قد أُطلق على الخير والشر، قال الله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨)} [الزلزلة: ٧، ٨]، ويوضّحه أن الكف قد أُطلق عليه أنه صدقة، كما في حديث أبي ذرّ - رضي الله عنه -: "كُفّ شرّك عن الناس، فإنها صدقة منك على نفسك"، أخرجه ابن أبي الدنيا (٢).

وفي حديث معاذ عند الديلميّ: "أفضل الصدقة حفظ اللسان".


(١) "طرح التثريب" ٢/ ٧.
(٢) بل هو في "الصحيحين" من حديث أبي موسى الأشعريّ قال: قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "على كل مسلم صدقةٌ"، قالوا: فإن لم يجد؟ قال: "فيعمل بيديه، فينفع نفسه، ويتصدق"، قالوا: فإن لم يستطع، أو لم يفعل؟ قال: "فيُعِين ذا الحاجة الملهوفَ"، قالوا: فإن لم يفعل؟ قال: "فليأمر بالخير، أو قال بالمعروف"، قال: فإن لم يفعل؟ قال: "فليُمْسك عن الشرّ، فإنه له صدقة".
اللهمّ إلا أن يريد اللفظ الذي ذكره، فليُتأمّل.