للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الجميع، غير أن السبب يقتضي أن المراد بالحديث: الهجرة من مكة إلى المدينة؛ لأنهم نقلوا أن رجلًا هاجر من مكة إلى المدينة؛ ليتزوج امرأة تسمى أم قيس، فسمي مهاجر أم قيس. انتهى (١).

وقال العراقيّ - رحمه الله -: بقي عليه من أقسام الهجرة ثلاثة أقسام:

وهي الهجرة الثانية إلى الحبشة، فإنهم هاجروا إلى الحبشة مرتين، كما هو معروف في السِّيَر، ولا يقال: كلاهما هجرة إلى الحبشة، فاكتَفَى بذكر الهجرة إليها مرة، فإنه عَدَّد الهجرة إلى المدينة في الأقسام لِتعدّدها.

والثانية: هجرة من كان مقيمًا ببلاد الكفر، ولا يقدر على إظهار الدِّين، فإنه يجب عليه أن يهاجر إلى بلاد الإسلام.

والثالثة: الهجرة إلى الشام في آخر الزمان عند ظهور الفتن، كما رواه أبو داود من حديث عبد الله بن عمرو قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ستكون هجرة، فخيار أهل الأرض ألزمهم مُهاجَر إبراهيم، ويبقى في الأرض شرار أهلها" الحديث، ورواه أحمد في "مسنده"، فجعله من حديث عبد الله بن عمر، قال صاحب "النهاية": يريد به الشام؛ لأن إبراهيم لمّا خرج من العراق مضى إلى الشام وأقام به. انتهى.

وروى أبو داود أيضًا من حديث أبي الدرداء أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن فسطاط المسلمين يوم الملحمة بالغُوطَة إلى جانب مدينة يقال لها: دمشق، من خير مدائن الشام"، فهذه ثمانية أقسام للهجرة. انتهى.

وقال الحافظ ابن رجب - رحمه الله -: وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فمن كان هجرته. . ." إلخ، لمّا ذكر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن الأعمال بحسب النيات، وأن حظ العامل من عمله نيّته من خير أو شر، وهاتان الكلمتان جامعتان وقاعدتان كليتان لا يخرج عنهما شيء، ذَكَر بعد ذلك مَثَلًا من الأمثال والأعمال التي صُورَتُها واحدة ويختلف صلاحها وفسادها باختلاف النيات، وكأنه يقول: سائر الأعمال على حذو هذا المثال.

وأصل الهجرة: هجران بلد الشرك، والانتقال منه إلى دار الإسلام، كما


(١) "إحكام الأحكام" ١/ ٧٨.