للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال العراقي: ورأيت في كلام بعض أصحاب الشافعي ممن صنَّف في الألغاز أن الحِيَل ليس فيها منافاة للشريعة، بل قد ورد الشرع بتعاطي الحيل، كقوله تعالى: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ} [ص: ٤٤] فما كان من الحيل هكذا ليس فيه إسقاط حق لمستحق له، فهو حسن مشروع، وما أدى من الحيل إلى إسقاط حق الغير فهو مذموم منهي عنه. انتهى (١)، وهو تحقيق حسنٌ، والله تعالى أعلم.

(المسألة الثانية والثلاثون): أنه استُدِلّ به على أنه لا يجب القَوَد في شِبْه العمد؛ لأنه لم ينو قتله، وهو قول الشافعيّ، وأبي حنيفة، وصاحبيه، وأحمد، وإسحاق، إلا أنهم اختلفوا في الدية فجعلها الشافعيّ، ومحمد بن الحسن أثلاثًا، وجعلها الباقون أرباعًا، وجعلها أبو ثور أخماسًا، وأنكر مالك شِبْه العمد، وقال: ليس في كتاب الله إلا الخطأ والعمد، وأما شبه العمد فلا نعرفه.

واستَدَلّ الشافعي والجمهور بما رواه أبو داود من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعًا: "ألا إن دية الخطأ شِبْه العمد ما كان بالسوط والعصا مائة من الإبل. . ." الحديث.

قال الجامع: القول الأول أرجح؛ لهذا الحديث، والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة والثلاثون): قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فمن كانت هجرته. . ." إلخ، الهجرة بكسر الهاء فِعلة من الهَجْر، وهو ضد الوصل، ثم غلب ذلك على الخروج من أرض إلى أرض وترك الأُولى للثانية، قاله صاحب "النهاية".

وقال ابن دقيق العيد - رحمه الله -: الهجرة تقع على أمور:

الهجرة الأولى: إلى أرض الحبشة.

الثانية: من مكة إلى المدينة.

الثالثة: هجرة القبائل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

الرابعة: هجرة من أسلم من أهل مكة.

الخامسة: هجرة ما نهى الله عنه، قال: ومعنى الحديث، وحُكمه يتناول


(١) "طرح التثريب" ٢/ ٢١.