للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فينا رجل خطب امرأة يقال لها: أم قيس، فأبت أن تتزوجه حتى يهاجر، فهاجر وتزوجها، وكنا نسميه مهاجِر أم قيس، قال ابن مسعود: من هاجر لشيء فهو له.

وقد اشتَهَر أن قصة مهاجر أم قيس كانت هي سبب قول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "من كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها"، وذكر ذلك كثير من المتأخرين في كتبهم، ولم نر لذلك أصلًا يصح، والله أعلم.

وسائر الأعمال كالهجرة في هذا المعنى، فصلاحها وفسادها بحسب النية الباعثة عليها كالجهاد والحج وغيرهما.

وقد سئل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عن اختلاف الناس في الجهاد، وما يُقصد به من الرياء وإظهار الشجاعة والعصبية وغير ذلك: أيُّ ذلك في سبيل الله؟ فقال: "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله"، فخرج بهذا كل ما سألوه عنه من المقاصد الدنيوية، ففي "الصحيحين" عن أبي موسى الأشعري: أن أعرابيًّا أتى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله، الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل للذِّكر، والرجل يقاتل ليُرَى مكانه فمن قاتل في سبيل الله؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله"، وفي رواية لمسلم: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حَميَّة، ويقاتل رياء، فأيُّ ذلك في سبيل الله؟، فذكر الحديث، وفي رواية له أيضًا: الرجل يقاتل غضبًا، ويقاتل حمية. وخرّج النسائي من حديث أبي أمامة قال: جاء رجل إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: أرأيت رجلًا غزا يلتمس الأجر والذكر ما له؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا شيء"، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصًا، وابتغي به وجهه".

وخرّج أبو داود من حديث أبي هريرة: أن رجلًا قال: يا رسول الله، رجل يريد الجهاد وهو يريد عَرَضًا من عَرَض الدنيا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا أجر له"، فأعاد عليه ثلاثًا، والنبيّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: لا أجر له". وأخرج الإمام أحمد، وأبو داود من حديث معاذ بن جبل عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "الغزو غزوان؛ فأما من ابتغَى وجه الله، وأطاع الإمام، وأنفق الكريمة، وياسَرَ الشريك،