للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

واجتنب الفساد، فإن نومه ونَبْهَه أجرٌ كله، وأما من غزا فخرًا ورياءً وسمعة، وعصى الإمام، وأفسد في الأرض، فإنه لم يرجع بالكفاف".

وخرَّج أبو داود من حديث عبد الله بن عمرو قال: قلت: يا رسول الله، أخبرني عن الجهاد والغزو، فقال: "إن قاتلت صابرًا محتسبًا بعثك الله صابرًا محتسبًا، وإن قاتلت مرائيًا مكاثرًا بعثك الله مرائيًا مكاثرًا، على أيّ حال قاتلت أو قُتلْت بعثك الله بتلك الحال".

(المسألة الرابعة والثلاثون): في أقسام العمل لغير الله - عز وجل -.

قال الحافظ ابن رجب - رحمه الله - أيضًا: اعلم أن العمل لغير الله أقسام:

فتارة يكون رياء محضًا بحيث لا يراد به سوى مراءاة المخلوقين، لغرض دنيويّ، كحال المنافقين في صلاتهم، قال الله - عز وجل -: {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى} [النساء: ١٤٢]، وقال تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤)} [الماعون: ٤]، وكذلك وصف الله تعالى الكفار بالرياء المحض في قوله: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ} [الأنفال: ٤٧]، وهذا الرياء المحض لا يكاد يصدر من مؤمن في فَرْض الصلاة والصيام، وقد يصدر في الصدقة الواجبة، والحج وغيرهما من الأعمال الظاهرة، والتي يتعدى نفعها، فإن الإخلاص فيها عزيز، وهذا العمل لا يشك مسلم أنه حابط، وأن صاحبه يستحق المقت من الله والعقوبة.

وتارةً يكون العمل لله، ويشاركه الرياء، فإن شاركه من أصله فالنصوص الصحيحة تدل على بطلانه أيضًا وحُبُوطه، وفي "صحيح مسلم" عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "يقول الله تبارك وتعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، مَن عَمِل عملًا أشرك معي فيه غيري تَرَكْته وشِرْكه"، وأخرجه ابن ماجه، ولفظه: "فأنا منه بريء، وهو للذي أشرك"، وأخرج الإمام أحمد، عن شداد بن أوس - رضي الله عنه -، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "من صلى يرائي فقد أشرك، ومن صام يرائي فقد أشرك، ومن تصدق يرائي فقد أشرك، فإن الله - عز وجل - يقول: أنا خير قسيم لمن أشرك بي شيئًا، فإن حَشْدَه عمله قليله وكثيره لشريكه الذي أشرك به، أنا عنه غني"، وخرّج الإمام أحمد، والترمذيّ، وابن ماجه من حديث أبي سعيد بن أبي فَضَالة، وكان من الصحابة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: