للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"إذا جمع الله الأولين والآخرين ليوم لا ريب فيه نادى مناد: من كان أشرك في عمل عمله لله فليطلب ثوابه من عند غير الله - عز وجل -، فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك"، وأخرج البزار في "مسنده" من حديث الضحاك بن قيس، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله - عز وجل - يقول: أنا خير شريك، فمن أشرك معي شريكًا فهو لشريكه، يا أيها الناس أخلصوا أعمالكم لله - عز وجل -، فإن الله لا يقبل من الأعمال إلا ما خَلَص له، ولا تقولوا: هذا لله والرحم، فإنها للرحم، وليس لله منها شيء، ولا تقولوا: هذا لله ولوجوهكم، فإنها لوجوهكم، وليس لله منها شيء".

وخرّج النسائيّ بإسناد جيّد عن أبي أمامة الباهليّ - رضي الله عنه -: أن رجلًا أتى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله، أرأيت رجلًا غزا يلتمس الأجر والذِّكر؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا شيء له، فأعاد عليه ثلاث مرات، يقول له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا شيء له" ثم قال: "إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصًا، وابتغي به وجه الله".

وخرَّج الحاكم من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رجل: يا رسول الله، إني أقف الموقف أريد به وجه الله، وأريد أن يُرَى موطني، فلم يَرُدّ عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا حتى نزلت: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ} [الكهف: ١١٠].

وممن يُرْوَى عنه هذا المعنى - أن العمل إذا خالطه شيء من الرياء كان باطلًا - طائفة من السلف منهم: عبادة بن الصامت، وأبو الدرداء، والحسن، وسعيد بن المسيِّب، وغيرهم، وفي مراسيل القاسم بن مخيمرة عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يقبل الله عملًا فيه مثقال حبة خردل من رياء"، ولا نعرف عن السلف في هذا خلافًا، وإن كان فيه خلاف عن بعض المتأخرين.

فإن خالط نيّةَ الجهاد نيةٌ غير الرياء، مِثْل أخْذه أجرة للخدمة، أو أخْذ شيء من الغنيمة، أو التجارة نَقَص بذلك جهاده، ولم يبطل بالكلية.

وفي "صحيح مسلم" عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الغُزاة إذا غنموا غنيمة تعجّلوا ثلثي أجرهم، فان لم يغنموا شيئًا تمَّ لهم أجرهم"، وقد ذكرنا فيما مضى أحاديث تدل على أن من أراد بجهاده عَرَضًا من الدنيا أنه لا أجر له، وهي محمولة على أنه لم يكن له غرض في الجهاد إلا الدنيا.