مهرها، قال ثابت: فما سمعت بامرأة قط كانت أكرم مهرًا من أم سليم، الإسلام" الحديث.
وأخرجه ابن حبان في "صحيحه"، من هذا الوجه، فظاهرُ هذا أن إسلامه كان ليتزوج بها، فكيف الجمع بينه وبين حديث الهجرة المذكورة مع كون الإسلام أشرف الأعمال؟
والجواب عنه من وجوه:
أحدها: أنه ليس في الحديث أنه أسلم ليتزوجها حتى يكون معارضًا لحديث الهجرة، وإنما امتنعت من تزوّجه حتى هداه الله للإسلام رغبة في الإسلام، لا ليتزوجها، ولا يُظنُّ ذلك بأبي طلحة أنه أسلم ليتزوج أم سليم، فقد كان من أجلّ الصحابة - رضي الله عنهم -.
قال الجامع عفا الله عنه: وهذا الجواب من أبعد الأجوبة، فإنه ينافيه سياق الحديث فتأمله بالإنصاف.
الوجه الثاني: أنه لا يلزم من الرغبة في نكاحها أنه لا يصح منه الإسلام رغبة فيه، فمتى كان الداعي إلى الإسلام الرغبة في الدِّين، لم يضرّ معه كونه يعلم أنه يَحل له بذلك نكاح المسلمات، ولا ميراث مورِّثه المسلم، ولا استحقاق الغنيمة، ونحو ذلك إذا كان الباعث على الإسلام الرغبة في الدِّين، وذكر ابن بطال عند حديث: "الرجلُ يقاتل للمغنم": من كان ابتداؤه نية الأعمال لله تعالى لم يضره بعد ذلك ما عَرَض في نفسه، وخطر بقلبه من حديث النفس، ووسواس الشيطان، ولا يزيله عن حُكمه إعجاب اطّلاع العباد عليه بعد مضيّه إلى ما ندبه الله إليه، ولا سروره بذلك، وإنما المكروه، أن يبدأ بنية غير مخلصة، وحكاه أيضًا في موضع آخر عن الطبريّ، وأنه حكاه عن قول عامة السلف - رضي الله عنهم -.
والحقّ في اجتماع الباعثين أو البواعث على الفعل الواحد: أنه لا يخلو إما أن يكون كل واحد منهما أو منها لو انفرد لكان كافيًا في الإتيان بالفعل، أو يكون الكافي لذلك أحدهما أو لعلة أحدهما، فإن كان كل واحد كافيًا بالإتيان به فهذا يضرّ فيه التشريك لقوة الداعي، وإن غلب أحدهما بأن يكون حصوله أسرع إلى وقوع المنويّ، وإن كان الباعث على الفعل أحدهما بحيث