للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لو عُدِم الآخَر لم يتخلّف عن المنويّ فالحكم للقويّ، كمن يقوم للعبادة، وهو يستحسن اطلاع الناس عليه، مع أنه لو علم أنه لو لم يطلع عليه أحد لَمَا صرفه ذلك عنها، ولا عن الرغبة فيها فهذا لا يؤثر في صحة عبادته، وإن كان الأكمل في حقه التسوية بين اطلاع الناس وعدم اطلاعهم، والأسلم له عدم محبة اطلاعهم.

والوجه الثالث: أنه لا يصح هذا عن أبي طلحة، والحديث وإن كان صحيح الإسناد، فإنه معلّ بكون المعروف أنه لم يكن حينئذ نزل تحريم المسلمات على الكفار، إنما نزل بين الحديبية وبين الفتح حين نزل قوله تعالى: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} الآية [الممتحنة: ١٠] كما ثبت في "صحيح البخاريّ"، فقول أم سليم في هذا الحديث: ولا يحل لي أن أتزوجك، شاذّ مخالف للحديث الصحيح، وما اجتمع عليه أهل السنن، والله أعلم. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد حققت الكلام في "شرح النسائيّ" عند شرح الحديث المذكور، وأن قولها: "ولا يحل لي أن أتزوّجك"، مُنكَر، وأن الحديث بدونه صحيح، وأنه لا استشكال أصلًا بين هذا الحديث وحديث النية، فلتراجع هناك (٢)، تستفد، وبالله تعالى التوفيق.

(المسألة الثالثة والأربعون): في قول علقمة: سمعت عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - على المنبر يقول. . . إلخ، ردّ على من يقول: إن الواحد إذا ادَّعَى شيئًا كان في مجلس جماعة لا يمكن أن ينفرد بعلمه دون أهل المجلس لم يُقبل حتى يتابعه غيره عليه، كما قاله بعض المالكية مستدلين بقصة ذي اليدين، وذلك لأنه لا يصح من رواية أحدٍ عن عمر إلا علقمة، مع كونه حدّث به على المنبر، كما ثبت في "الصحيح" بمحضر من الناس، وانفرد علقمة بنقله، مع كونه من قواعد الدّين، بل ذَكَر ابن بطال أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - خطب به حين وصل إلى دار الهجرة، وشَهَر الإسلام، فإن ثبت ذلك فقد سمعه جمعٌ من الصحابة، ولم يروه عنه غير عمر من وجه يصح، كما تقدم، وقد أجمع


(١) "طرح التثريب" ٢/ ٢٧.
(٢) راجع: "ذخيرة العقبى في شرح المجتبى" ٦٣/ ٣٣٤١، ٣٣٤٢.