للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المسلمون على صحته، فلو اشتُرط شرطُ متابعة الراوي لِمَا حضره غيره، ولم يُقبل انفراده به لَمَا قبلوه، والله أعلم.

وإنما استفهم النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في قصة ذي اليدين؛ لأنه أخبره بخلاف ما كان في ظنه، فاحتاج إلى أن يسأل عنه، وليس في حديث عمر هذا مخالفة لِمَا رواه غيره من الصحابة، فوجب المصير إليه، ذكره العراقيّ - رحمه الله - (١).

(المسألة الرابعة والأربعون): قال ابن بطال - رحمه الله -: ومما يجري بغير النية ما قاله مالك: إن الخوارج إذا أخذوا الزكاة من الناس بالقهر والغلبة أجزأت عمن أخذت منه، ومنها أن أبا بكر الصديق، وجماعة من الصحابة أخذوا الزكاة من أهل الردة بالقهر والغلبة، ولو لم يجزئ عنهم ما أُخذت منهم، قال ابن بطال (٢): واحتَجّ مَنْ خالَفهم، وجعلَ حديث النية على العموم أن أخْذ الخوارج للزكاة غلبةً لا ينفك المأخوذ منه من النية؛ لأن معنى النية: ذِكرها وقت أخْذها منه أنه عن الزكاة أخَذَها المتغلِّب عليه، وقد أجمع العلماء أن أخْذ الإمام الظالم لها يُجزئه، فالخارجي في معنى الظالم؛ لأنهم من أهل القبلة، وشاهدة التوحيد.

وأما أبو بكر فلم يقتصر على أخذ الزكاة من أهل الردة، بل قَصَد حَرْبَهم وغنيمة أموالهم وسَبْيهم لكفرهم، ولو قَصَد أخْذَ الزكاة فقط لَرَدَّ عليهم ما فَضَل منها من أموالهم. . . إلى آخر كلامه، والله تعالى أعلم.

(المسألة الخامسة والأربعون): فيه حجة على ابن القاسم في قوله: إن الرجل إذا أعتق عبده عن غيره في كفارة الظهار بغير عِلْمه أنه يجزئه في كفارته، وإن كانت الكفارة فرضًا عليه، فأسقط كفارة الظهار بغير نيةِ مَنْ هي عليه، وذهب أبو حنيفة والشافعيّ وغيرهم إلى أنه لا يجزئه ذلك، وكذلك خالفه من المالكية أشهب وابن المواز والأبهريّ، وقال: القياس أنه لا يجزئ؛ لأن المعتَق عنه بغير أمره لم يَنْوِ عِتْقه، والمعتَق في الكفارات لا يجزئ بغير نية، وليس كالميت يُعتق عنه في الكفارة فإن نيّته معدومة. انتهى (٣).


(١) "طرح التثريب" ٢/ ٢٧ - ٢٨.
(٢) هو: عليّ بن خلف، أبو الحسن القرطبيّ المتوفّى سنة (٤٤٩ هـ).
(٣) "طرح التثريب" ٢/ ٢٩.