للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ولم يَسُق المتن، بل أحال به على رواية حماد بن زيد، وقال: يزيد وينقص، وقد أخرجه عبد الرزاق من الوجه الذي أخرجه منه أبو داود، فقال: عن عطاء بن يسار، أن امرأةً حدثته، وساق المتن، ولفظه يدلّ على أنه في قصة أخرى غير قصة أم حرام، فالله أعلم، قاله في "الفتح" (١).

(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي، عُرِضُوا عَلَيَّ) ببناء الفعل للمفعول؛ أي: أظهر الله تعالى لي صُورهم، وأحوالهم حال كونهم راكبي البحر، {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [المائدة: ١٩]. (غُزَاةً) بضمّ الغين المعجمة: جَمْع غاز؛ أي: حال كونهم غازين (فِي سَبِيلِ اللهِ)؛ أي: لإعلاء كلمة الله - سبحانه وتعالى -، وفي الرواية الآتية: "أُرِيتُ قومًا من أمتي وفي رواية للبخاريّ: "فقال: عَجِبت من قوم من أمتي"، وهذا يُشعر بأن ضحكه - صلى الله عليه وسلم - كان إعجابًا بهم، وفرحًا لِمَا رأى لهم من المنزلة الرفيعة، (يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ)، وفي رواية الليث الآتية: "يركبون هذا البحر الأخضر وفي رواية: "يركبون ظهر البحر وفي رواية للبخاريّ: "يركبون البحر وفي رواية له: "يركبون البحر الأخضر في سبيل الله".

و"الثَّبَجُ": بفتح المثلثة، والموحدة، ثم جيم: ظَهْر الشيء، هكذا فسَّره جماعة، وقال الخطابيّ: متن البحر وظَهْره، وقال الأصمعيّ: ثبج كل شيء: وسطه، وقال أبو عليّ في "أماليه": قيل: ظَهْره، وقيل: مُعْظمه، وقيل: هَوْله، وقال أبو زيد في "نوادره": ضُرِب ثَبَجُ الرجلِ بالسيف؛ أي: وسطه، وقيل: ما بين كتفيه، والراجح أن المراد هنا: ظَهْره، كما وقع التصريح به في الطريق المشار إليها آنفًا، والمراد: أنهم يركبون السُّفُن التي تجري على ظهره، ولمّا كان جري السفن غالبًا إنما يكون في وسطه قيل: المراد وسطه، والا فلا اختصاص لوسطه بالركوب.

وأما قوله: "الأخضر"، فقال الكرمانيّ (٢): هي صفة لازمة للبحر، لا مُخَصِّصة. انتهى.

ويَحْتَمِل أن تكون مُخَصِّصةً؛ لأن البحر يُطلق على الملح والعذب، فجاء


(١) "الفتح" ١٤/ ٢٤٢، كتاب "الاستئذان" رقم (٦٢٨٢).
(٢) "شرح البخاريّ" للكرمانيّ ١٢/ ١٠٣.