لفظ الأخضر لتخصيص الملح بالمراد، قال: والماء في الأصل لا لون له، وإنما تنعكس الخضرة من انعكاس الهواء، وسائر مقابلاته إليه.
وقال غيره: إن الذي يقابله السماء، وقد أطلقوا عليها الخضراء؛ لحديث:"ما أَظَلَّت الخضراءُ، ولا أقلّت الغبراء"، والعرب تُطلق الأخضر على كل لون ليس بأبيض، ولا أحمر، قال الشاعر [من الرمل]:
يعني: أنه ليس بأحمر كالعجم، والأحمر يُطلقونه على كل من ليس بعربيّ، ومنه:"بُعِثت إلى الأسود والأحمر".
(مُلُوكًا) بالنصب على الحال، ووقع في رواية أبي ذرّ عند البخاريّ، وكذا عند النسائيّ:"ملوك" بالرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: هم ملوك، والجملة حال، وقوله:(عَلَى الأَسِرَّةِ) متعلّق بحال مقدّر؛ أي: حال كونهم قاعدين على الأسرّة، و"الأسرّةُ" بفتح، فكسر، فتشديد راء: جَمْع سرير؛ كالأَعِزّة: جمع عزيز، والأذلّة: جمع ذليل.
(أَوْ) قال (مِثْلَ الْمُلُوكِ عَلَى الأَسِرَّةِ"، يَشُكُّ أيَّهُمَا قَالَ) لم يذكر عند مسلم الشاكّ، وقد ذُكر عند البخاريّ أنه إسحاق بن عبد الله الراوي عن أنس - رضي الله عنه -؛ أي: شكّ في لفظ أنس، هل قال: "ملوكًا على الأسرّة"، أو قال: "مثل الملوك على الأسرّة".
قال في "الفتح": قوله: "أو قال: مثل الملوك على الأسرّة" يشكّ إسحاق؛ يعني: راويه عن أنس، ووقع في رواية الليث، وحماد قبلُ: "كالملوك على الأسرّة" من غير شكّ، وفي رواية أبي طُوالة: "مثل الملوك على الأسرّة" بغير شك أيضًا، ولأحمد من طريقه: "مَثَلُهم كَمَثَل الملوك على الأسرّة"، وهذا الشك من إسحاق، وهو ابن عبد الله بن أبي طلحة يُشعر بأنه كان يحافظ على تأدية الحديث بلفظه، ولا يتوسع في تأديته بالمعنى، كما توسّع غيره، كما وقع لهم في هذا الحديث في عِدَة مواضع تظهر مما رأيته، وتراه.
قال ابن عبد البرّ: أراد - والله أعلم - أنه رأى الغُزاة في البحر من أمته ملوكًا على الأسرّة في الجنة، ورؤياه وحي، وقد قال الله تعالى في صفة أهل