للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الحافظ: وقد قدَّمت في أول الكلام على شرحه أن ذلك كان بعد حجة الوداع.

ورَدّ عياض الأولَ بأن الخصائص لا تثبت بالاحتمال، وثبوت العصمة مسلَّم، لكن الأصل عدم الخصوصية، وجواز الاقتداء به - صلى الله عليه وسلم - في أفعاله حتى يقوم على الخصوصية دليل.

وبالغ الدمياطيّ في الردّ على من ادَّعى المَحْرَمية، فقال: ذَهِلَ كلُّ من زعم أن أم حرام إحدى خالات النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من الرضاعة، أو من النسب، وكل من أثبت لها خؤولةً تقتضي مَحْرَمية؛ لأن أمهاته - صلى الله عليه وسلم - من النسب، واللاتي أرضعنه معلومات، ليس فيهنّ أحد من الأنصار البتةَ، سوى أم عبد المطلب، وهي سَلْمَى بنت عمرو بن زيد بن لبيد بن خِرَاش بن عامر بن غَنْم بن عَديّ بن النجّار، وأم حرام هي بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر المذكور، فلا تجتمع أم حرام وسلمى إلا في عامر بن غنم جدّهما الأعلى، وهذه خؤولة لا تثبت بها محرمية؛ لأنها خؤولة مجازية، وهي كقوله - صلى الله عليه وسلم - لسعد بن أبي وقّاص: "هذا خالي"؛ لكونه من بني زُهْرة، وهم أقارب أمه آمنة، وليس سعد أخًا لآمنة، لا من النسب، ولا من الرضاعة.

ثم قال: وإذا تقرر هذا فقد ثبت في "الصحيح" أنه - صلى الله عليه وسلم - كان لا يدخل على أحد من النساء إلا على أزواجه، إلا على أم سليم، فقيل له؟، فقال: "أرحمها، قُتل أخوها معي"؛ يعني: حرام بن ملحان، وكان قد قُتل يوم بئر معونة.

وجمع الحافظ بين ما أفهمه هذا الحصر، وبين ما دلّ عليه حديث الباب في أم حرام بما حاصله أنهما أختان كانتا في دار واحدة، كلّ واحدة منهما في بيت من تلك الدار، وحرام بن ملحان أخوهما معًا، فالعلة مشتركة فيهما، وإن ثبت قصة أم عبد الله بنت ملحان التي تقدّمت قريبًا فالقول فيها كالقول في أم حرام، وقد انضاف إلى العلة المذكورة كون أنس خادم النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وقد جرت العادة بمخالطة المخدوم خادمه، وأهل خادمه، ورفع الْحِشْمة (١) التي تقع بين


(١) بكسر، فسكون: اسم من الاحتشام، وهو الاستحياء.