للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ويَحْتَمِل أن يكون المراد كلًّا من الأمرين، أو ما هو أعمّ من ذلك، وأما التقييد باليوم في الترجمة، وإطلاقه في الآية، فكأنه أشار إلى أن مُطْلَقها يقيّد بالحديث، فإنه يُشعر بأن أقلّ الرباط يوم لسياقه في مقام المبالغة، وذِكْرُهُ مع موضع سَوْط يشير إلى ذلك أيضًا. انتهى (١).

(خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ، وَقِيَامِهِ) وفي حديث سهل بن سعد - رضي الله عنه - عند البخاريّ: "رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها"، وفي حديث عثمان - رضي الله عنه - عند أحمد، والترمذيّ، وابن ماجه: "رباط يوم في سبيل الله خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل".

ولا تعارُض بينه وبين حديث الباب؛ لأنه يُحْمَل على الإعلام بالزيادة في الثواب، أو باختلاف العاملين، أو باختلاف العمل بالنسبة إلى الكثرة والقلة، وكذا لا معارضة بين حديث الباب، وبين حديث سهل - رضي الله عنه -؛ لأن صيام شهر وقيامه خير من الدنيا وما عليها (٢)، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

(وَإِنْ مَاتَ) المرابط في حال مرابطته، (جَرَى عَلَيْهِ عَمَلُهُ)؛ أي: لم ينقطع بموته عمله (الَّذِي كَانَ يَعْمَلُهُ)؛ أي: في حال مرابطته، فيُكْتَب له في كتاب حسناته، مع أن الإنسان ينقطع عمله بموته، غير أن الله - سبحانه وتعالى - أجرى لهذا المرابط الأجر فضلًا منه، وكرمًا، والمراد: أنه يستمرّ له كلَّ يوم أجر صيام شهر وقيامه.

[فإن قلت]: هذا الحديث يعارض حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله، إلا من ثلاثة، إلا من صدقة جارية، أو علم يُنتفَع به، أو ولد صالح يدعو له"، رواه مسلم، فكيف يُجمع بينهما؟.

[قلت]: يُجمع بأن حديث الباب مخصوص من عموم حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - المذكور، فهو عامّ مخصوص، بحديث الباب، فلا تعارُض بينهما، والله تعالى أعلم.


(١) "الفتح" ٧/ ١٦٨ - ١٦٩، كتاب "الجهاد" رقم (٢٨٩٢).
(٢) راجع: "الفتح" ٧/ ١٦٩، كتاب "الجهاد" رقم (٢٨٩٢).