فَقَالَ) أنس - رضي الله عنه - (قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "الطَّاعُونُ شَهَادَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ")؛ أي: ولكلّ مسلمة؛ لأن النساء شقائق الرجال.
ثم إن ظاهر حديث أنس - رضي الله عنه - هذا يدلّ على أن الطاعون شهادة مطلقًا، لكن قال في "الفتح": هكذا جاء مطلقًا في حديث أنس - رضي الله عنه -، وسيأتي مقيّدًا بثلاثة قيود في حديث عائشة - رضي الله عنها - الآتي.
قال الجامع عفا الله عنه: الذي يظهر لي أن إطلاق حديث أنس - رضي الله عنه - لا يحتاج إلى التقييد بالقيود المذكورة في حديث عائشة - رضي الله عنها -؛ لأن حديثها بيّن حُكْم من صبر، محتسبًا إذا وقع الطاعون في بلده، سواء مات أو لم يمت، وحديث أنس - رضي الله عنه - بيّن حُكم من مات بالطاعون، كما هو ظاهر قصّة أنس في يحيى، وحديث عائشة - رضي الله عنها - سيأتي الكلام عليه في المسألة الثالثة - إن شاء الله تعالى -.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٥١/ ٤٩٣٦ و ٤٩٣٧](١٩١٦)، و (البخاريّ) في "الجهاد"(٢٨٣٠) و"الطبّ"(٥٧٣٢)، و (أحمد) في "مسنده"(٣/ ١٥٠ و ٢٢٠ و ٢٢٣ و ٢٥٨ و ٢٦٥)، و (أبو عوانة) في "مسنده"(٤/ ٥٠٠)، و (ابن سعد) في "الطبقات"(٧/ ٢٠٦)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في إتمام البحث في حديث عائشة - رضي الله عنها - الموعود به آنفًا:
قال الإمام البخاريّ - رحمه الله - في "صحيحه":
(٣٢٨٧) - حدّثنا موسى بن إسماعيل، حدّثنا داود بن أبي الفرات، حدّثنا عبد الله بن بُريدة، عن يحيى بن يعمر، عن عائشة - رضي الله عنها - زوج النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قالت: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الطاعون، فأخبرني:"أنه عذاب يبعثه الله على من يشاء، وأن الله جعله رحمة للمؤمنين، ليس من أحد يقع الطاعون، فيمكث في بلده، صابرًا، محتسبًا، يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له، إلا كان له مِثل أجر شهيد". انتهى، وهو من أفراد البخاريّ، ولم يُخرجه مسلم.