للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مَلَكة راسخة، ومذاق سليم يُدرك الشخص بهما لبّ الشريعة الإسلاميّة، ومغزاها، ولا يكاد يحصل ذلك إلا بصحبة أهل هذه الملكة، ولا يكفي في ذلك قراءة الكتب، ودراستها. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي قاله صاحب "التكملة" من أنه لا يحصل ذلك إلا بصحبة أهل هذه الملكة، هذا هو الأفضل والأَوْلى لمن تيسّر له ذلك، وهو الطريق السليم الذي درج عليه السالف الصالح، ومَنْ خَلَفهم بالإحسان، ولكن إذا لم يتيسّر ذلك فطريق الوصول إليه قراءة كتبهم، وحِفظها، وفَهْمها، والإدمان لذلك، والمثابرة عليه، فمن ثابر على ذلك، ومرّن نفسه عليه، حتى يصير كالملكة له، فإنه يحظى بالفتح المبين، وإلى ذلك أشرت بقولي مرشدًا طالب علم الحديث:

يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ فَاعْلَمْ أَنَّهُ … لَا بُدَّ فِي ذَا الْعِلْمِ أنْ تُتْقِنَهُ

مُلَازِمًا مَجَالِسَ الْحَفَظَةِ … مُحْتَرِمًا لَهُمْ بِلَا أَنَفَةِ

بِالْحِفْظِ وَالْفَهْمِ وَلِلتَّقْوَى الْزَمِ … مَعَ التَّوَاضُعِ لِكُلِّ مُسْلِمِ

مُذَاكِرًا بِالْفَهْمِ مَعْ أُولِي الْهُدَى … مُجَانِبًا ذَوِي الْخَبَالِ وَالرَّدَى

إِنْ لَمْ تَجِدْ مُذَاكِرًا فَلْتَلْزَمِ … مُطَالِعًا كَلَامَ أَهْلِ الْقَدَمِ

فَإِنَّ مَنْ رُزِقَ أَنْ يُطَالِعَا … كَلَامَهُمْ بِالْحِفْظِ وَالْفَهْمِ مَعَا

فَإِنَّهُ يَنَالُ فَتْحَ الْبَابِ … مِنْ رَبِّهِ الْكَاشِفِ لِلْحِجَابِ

نَسْأَلُكَ اللَّهُمَّ أَنْ تَجْعَلَنَا … مِنْ فَيْضِ هَذَا الْفَنِّ قَدْ نِلْنَا الْمُنَى

وَقوله: (عَلَى مَنْ نَاوَأَهُمْ) بهمزة بعد الواو؛ أي: عاداهم، وهو مأخوذ مِن نأى إليهم، ونأوا إليه؛ أي: نهضوا للقتال، قاله النوويّ (٢)، وتمام البحث فيه تقدّم في الحديث الماضي، ولله الحمد والمنّة.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رحمه الله - أوّل الكتاب قال:

[٤٩٤٩] (١٩٢٤) - (حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عَمِّي عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ،


(١) "تكملة فتح الملهم" ٣/ ٤٧١.
(٢) "شرح النوويّ" ١٣/ ٦٧.