للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَهْلُ الْغَرْبِ) قال ابن الأثير - رحمه الله -: قيل: أراد بهم أهل الشام؛ لأنهم غرب الحجاز، وقيل: أراد بالغرب: الحدّة والشوكة، يريد: أهل الجهاد، وقال ابن المدينيّ: الغرب ها هنا الدلو، وأراد بهم العرب؛ لأنهم أصحابها، وهم يستقون بها. انتهى (١).

وقال السيوطيّ - رحمه الله - في "الديباج": قيل: المراد بهم العرب، والغرب الدلو الكبيرة؛ لاختصاصهم بها غالبًا، وقيل: المراد: القوّة والشدّة والْجِدّ، وغَرْب كلِّ شيء حَدُّه، وقيل: المراد: الغرب من الأرض الذي هو ضدّ الشرق، فقيل: المراد أهل الشام، وقيل: الشام وما وراء ذلك، وقيل: أهل بيت المقدس.

قال القرطبيّ: أول الغرب بالنسبة إلى المدينة النبوية هو الشام، وآخره حيث تنقطع الأرض من الغرب الأقصى، وما بينهما، كلُّ ذلك يقال عليه: مغربٌ، فهل المراد المغرب كله، أو أوله؟ كلُّ ذلك مُحْتَمِلٌ.

وقال أبو بكر الطرطوشيّ في رسالة بعث بها إلى أقصى المغرب: الله أعلم هل أرادكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهذا الحديث، أو أراد بذلك جملة أهل المغرب؛ لِمَا هم عليه من التمسك بالسُّنَّة، والجماعة، وطهارتهم من البِدَع والإحداث في الدِّين، والاقتفاء لآثار من مضى من السلف الصالح؟ انتهى.

ومما يؤيد أن المراد بالغرب من الأرض رواية عبد بن حميد، وبَقِيّ بن مَخْلَد: "ولا يزال أهل المغرب"، ورواية الدارقطني: "لا تزال طائفة من أمتي، ظاهرين على الحق، في المغرب، حتى تقوم الساعة".

قال السيوطيّ: لا يَبعد أن يراد بالمغرب مصر، فإنها معدودة في الخط الغربي بالاتفاق، وقد روى الطبرانيّ، والحاكم، وصححه، عن عمرو بن الحمق قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تكون فتنة أسلمُ الناس فيها الجند الغربي"، قال ابن الحمق: فلذلك قَدِمت عليكم مصر.

وأخرجه محمد بن الربيع الْجِيزيّ في مسند الصحابة الذين دخلوا مصر، وزاد فيه: "وأنتم الجند الغربي".


(١) "النهاية في غريب الأثر" ٣/ ٣٥١.