للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه - أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا سَافَرْتُمْ فِي الْخِصْبِ) - بكسر الخاء المعجمة، وسكون الصاد المهملة - وزانُ حِمْل: النماء، والبركة، وهو خلاف الْجَدْب، وهو اسمٌ مِنْ أخصبَ المكان بالألف، فهو مُخْصِبٌ، وفي لغة: خَصِبَ يَخْصَبُ، من باب تَعِبَ، فهو خَصِيبٌ، وأخصب الله الموضع: إذا أنبت فيه الْعُشْب والكلأ، قاله الفيّوميّ (١).

والمراد هنا: زمان كثرة العَلَف، والنبات، (فَأَعْطُو الإِبِلَ)؛ أي: ونحوها من الخيل، والبغال، والحمير، وخَصّ الإبل؛ لأنها غالب مراكب العرب، (حَظَّهَا)؛ أي: نصيبها (مِنَ الأَرْضِ)؛ أي: من نباتها، بأن تمكّنوها من الرَّعْي في بعض النهار، وفي أثناء السير، جعله حظًّا؛ لأن صاحبها إذا أحسن رعيها سَمِنَت وحَسُنت في عينه، فيَنْفَس بها، ولم ينحرها، ذكره الزمخشريّ، وفي رواية بدل "حظها": "حقّها قال القاضي: حظُّها من الأرض: رعيُها فيها ساعةً فساعةً. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قوله: "فأعطوا الإبل حقها أي: ارفُقُوا بها في الرَّعي، حتى تأخذ منه ما يُمسك قواها، ويردّ شهوتها، ولا تعجّلوها، فتمنعوها المرعى مع وجوده، فيجتمع عليها ضعف القوى، مع ألم كسر شهوتها. انتهى (٣).

(وَإِذَا سَافَرْتُمْ فِي السَّنَةِ) بفتحتين: الجدب، والقحط، وانعدام النبت، أو قلّته، (فَأَسْرِعُوا عَلَيْهَا السَّيْرَ) لتصل المقصد، وبها بقية من قوّتها؛ لِفَقْد ما يقوّيها على السير، قال القاضي: معناه: إذأ كان الزمان زمان قحط فأسرعوا السير عليها، ولا تتعوّقوا في الطريق؛ لِتُبلغكم المنزلَ قبل أن تَضْعُف، وقد صَرّح بهذا في الرواية التالية حيث قال: "وإذا سافرتم في السَّنَة فبادروا بها نِقْيها"؛


(١) "المصباح المنير" ١/ ١٧٠.
(٢) "فيض القدير على الجامع الصغير" للمناويّ ١/ ٣٧٠.
(٣) "المفهم" ٣/ ٧٦٥.