للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أي: أسرعوا عليها السير، ما دامت قويّة باقية النقي، وهو الْمُخّ. انتهى (١).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قوله: "في السنة": السَّنة: الجدب، ضد الخصب، وإنما أمر بالإسراع بها في الجدب؛ لِتَقْرُب مدة سفرها، فتبقى قوّتها الأُولى، فإنها إن رفق بها طال سفرها، فهُزِلت، وضَعُفت؛ إذ لا تجد مَرْعًى تتقوَّى به، وإلى هذا أشار - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "بادروا بها نِقْيها"؛ والنقي: مخ العظام، وهو بكسر النون.

قال: وهذه الأوامر من باب الإرشاد إلى المصالح والندب إليها. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: قوله: "من باب الإرشاد" أشار به إلى أن الأمر للاستحباب، لكن الظاهر أنه للوجوب؛ إذ الأمر للوجوب عند الجمهور إلا إذا وُجد صارف، فإن وُجد هنا فذاك، وإلا فالأصل الوجوب، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

(وَإِذَا عَرَّسْتُمْ) بتشديد الراء؛ أي: نزلتم (بِاللَّيْلِ)؛ أي: آخره لنحو نوم، واستراحة، قال أهل اللغة: التعريس: النزول في أواخر الليل؛ للنوم، والراحة، هذا قول الخليل، والأكثرين، وقال أبو زيد: هو النزول أيّ وقت كان، من ليل، أو نهار، والمراد بهذا الحديث هو الأول (٣).

(فَاجْتَنِبُوا الطَّرِيقَ) وفي بعض النسخ: "الطُّرُق"؛ أي: اعْدِلوا، وأعرضوا عنها، وانزلوا يَمْنةً، أو يَسْرةً، ثم ذكر علة النهي، فقال: (فَإنَّهَا) الفاء للتعليل؛ أي: لأن الطريق (مَأْوَى الْهَوَامِّ) قال الفيّوميّ: المأوى بفتح الواو لكلّ حيوان: مسكنه، وسُمع: مَأوي الإبل بكسر الواو شاذًّا، ولا نظير له في المعتلّ، وبالفتح على القياس، ومأوى الغنم: مُرَاحها الذي تأوي إليه ليلًا. انتهى (٤).

و"الهوامّ": جمع هامّة - بتشديد الميم - مثل دابّة ودوابّ، وهو ما له سُمّ يَقْتُل، كالحية، قاله الأزهريّ، وقد تُطلق الهوامّ على ما لا يقتل، كالحشرات،


(١) "فيض القدير على الجامع الصغير" للمناويّ ١/ ٣٧٠.
(٢) "المفهم" ٣/ ٧٦٥.
(٣) "شرح النووي" ١٣/ ٦٩.
(٤) "المصباح المنير" ١/ ٣٢.