للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقوله: (يَتَخَوَّنُهُمْ) قال النوويّ - رحمه الله -: معناه: يظنّ خيانتهم، ويكشف أستارهم، ويكشف هل خانوا أم لا؟.

قال: ومعنى هذه الروايات كلها أنه يُكره لمن طال سفره أن يُقدِم على امرأته ليلًا بغتةً، فأما من كان سفره قريبًا تتوقع امرأته إتيانه ليلًا فلا بأس، كما قال في إحدى هذه الروايات: "إذا أطال الرجل الغيبة"، وإذا كان في قَفْل عظيم، أو عَسْكَرٍ ونحوهم، واشتهر قدومهم ووصولهم، وعَلِمت امرأته وأهله أنه قادم معهم، وأنهم الآن داخلون فلا بأس بقدومه متى شاء؛ لزوال المعنى الذي نُهي بسببه، فإن المراد أن يتأهبوا، وقد حصل ذلك، ولم يَقدَم بغتة، ويؤيد ما ذكرناه ما جاء في الحديث الآخر: "أمهلوا حتى ندخل ليلًا - أي: عشاءً - كي تمتشط الشَّعِثَة، وتَسْتَحِدّ الْمُغِيبة"، فهذا صريح فيما قلناه، وهو مفروض في أنهم أرادوا الدخول في أوائل النهار بغتةً، فأمرهم بالصبر إلى آخر النهار؛ ليبلغ قدومهم إلى المدينة، وتتأهب النساء، وغيرهنّ، والله أعلم. انتهى (١).

وقوله: (أَوْ يَلْتَمِسُ عَثَرَاتِهِمْ) "أو" للشكّ من الراوي، ووقع في بعض النسخ: "عَثْرتهم" بفتح، فسكون؛ أي: زلَّتهم، يقال: عَثَرَ الرجل في ثوبه يَعْثُرُ، والدابة أيضًا، من باب قتل، وفي لغة من باب ضرب عِثَارًا بالكسر، والعَثْرَةُ: المرة، ويقال للزلة: عَثْرَةٌ؛ لأنها سقوط في الإثم، وفرّق بينهما في "مختصر العين"، فقال: عَثَرَ الرجل عُثُورًا، وعَثَرَ الفرس عِثَارًا، وعَثَرَ عليه عَثْرًا، من باب قتل، وعُثُورًا: اطّلع عليه، وأَعْثَرَهُ غيره: أعلمه به. انتهى (٢).

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رحمه الله - أوّل الكتاب قال:

[٤٩٦٢] (. . .) - (وَحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: قَالَ سُفْيَانُ: لَا أَدْرِي هَذَا فِي الْحَدِيثِ، أَمْ لَا؟، يَعْنِي: أَنْ يَتَخَوَّنَهُمْ، أَوْ يَلْتَمِسَ عَثَرَاتِهِمْ).


(١) "شرح النوويّ" ١٣/ ٧١ - ٧٢.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٣٩٣.