للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يحلّ، إلا إن يكون أرسله مَن هو مِن أهل الذكاة، كما أوضحناه قريبًا. انتهى (١).

وقال القرطبيّ بعد ذكر الروايات ما نصّه: هذه الروايات وإن اختلفت ألفاظها، فمعناها واحد، وهذا الاختلاف يدلّ على أنهم كانوا ينقلون بالمعنى، وتفيد هذه الروايات أن سبب إباحة الصيد الذي هو عَقْرُ الجارح له لا بدَّ أن يكون متحققًا غير مشكوك فيه، ومع الشكِّ لا يجوز الأكل، وهذا الكلب المخالط محمول على أنه غير مرسَل من صائد آخر، وأنه إنما انبعث في طلب الصيد بطبعه ونَفْسه، ولا يختلف في هذا، فأما لو أرسله صائدٌ آخر على ذلك الصيد فاشترك الكلبان فيه فإنَّه للصائِدَيْن؛ يكونان شريكين، فلو أنفذ أحد الكلبين مَقاتله، ثم جاء الآخر، فهو للذي أنفذ مَقاتله. انتهى (٢).

وقوله: (فَإِنْ غَابَ عَنْكَ يَوْمًا. . . إلخ) هذا دليل لمن يقول: إذا أثّر جرحه، فغاب عنه، فوجده ميتًا، وليس فيه أثَر غير سهمه حلّ، وهو أحد قولي الشافعيّ، ومالك، في الصيد والسهم، والثاني: يحرم، قال النوويّ: وهو الأصح عند أصحابنا، والثالث: يحرم في الكلب دون السهم، والأول أقوى، وأقرب إلى الأحاديث الصحيحة، وأما الأحاديث المخالفة له فضعيفة، ومحمولة على كراهة التنزيه، وكذا الأثر عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: "كُلْ ما أصميت، وَدَعْ ما أنميت"؛ أي: كُلْ ما لم يغب عنك، دون ما غاب. انتهى (٣).

وقوله: (وَإِنْ وَجَدْتَهُ غَرِيقًا فِي الْمَاءِ فَلَا تَأْكُلْ)؛ أي: لأن موته بالماء، لا بالجَرح، وهذا متّفقٌ عليه، قاله النوويّ.

والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تمام شرحه، وبيان مسائله قريبًا، ولله الحمد والمنّة.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رحمه الله - أوّل الكتاب قال:

[٤٩٧٤] (. . .) - (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ


(١) "شرح مسلم" ١٣/ ٧٧.
(٢) "المفهم" ٥/ ٢٠٩.
(٣) "شرح مسلم" ١٣/ ٧٩.