للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال الأوزاعيّ: إذا وجده من الغد ميتًا، ووجد فيه سهمًا أو أثرًا فليأكله، وقال الشافعيّ: القياس ألا يأكله إذا غاب عنه، ورُوي عن ابن عباس: "كُلْ ما أصميت، ودَعْ ما أنميت"، يريد: كُلْ ما عاينت صيده وموته، من سلاحك، أو كلبك، وَدَعْ ما غاب عنك.

وفي حديث أبي رزين، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه كره أكل ما غاب عنك مصرعه من الصيد، وهو حديث مرسلٌ؛ لأنه ليس بأبي رزين العُقَيليّ، وإنما هو أبو رزين مولى أبي وائل، رواه عنه موسى بن أبي عائشة، من حديث الثوريّ وغيره.

ورَوَى أبو ثعلبة الخشنيّ، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في الذي يُدرك صيده بعد ثلاث: "يأكله ما لم ينتن" - يعني: حديث الباب -.

وفي حديث عديّ بن حاتم، أنه سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصيد يغيب عن صاحبه الليلة والليلتين، فقال: "إذا وجدت فيه سهمك، ولم تجد أثر سبع، وعلمت أن سهمك قتله فكُلْه".

قال: وفي حديث هذا الباب ردّ لقول أبي حنيفة وأصحابه في اشتراطهم التراخي في الطلب؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يقل للبهزيّ (١) هل تراخيت في طلبه؟، وأباح لأصحابه المُحْرِمين، ولم يسأله عن ذلك، وبالله التوفيق. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن القول بعدم اشتراط الطلب هو الأرجح؛ لظاهر الحديث.

وأما جوابه - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "يأكل" حينما سأله عديّ بن حاتم - رضي الله عنه - بقوله:


(١) أشار به إلى ما أخرجه مالك في "الموطأ" بسنده، عن البهزي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج يريد مكة، وهو مُحْرم، حتى إذا كان بالروحاء إذا حمار وحشي عَقِير، فذُكِر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "دعوه، فإنه يوشك أن يأتي صاحبه"، فجاء الْبَهْزيّ، وهو صاحبه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله شأنكم بهذا الحمار، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر فقَسَمه بين الرفاق. . . الحديث.
(٢) "التمهيد" لابن عبد البر ٢٣/ ٣٤٦ - ٣٤٧.