"يرمي الصيد، فيقتفي أثره. . . إلخ"، فإنه خرج على حسب السؤال؛ لأنه سأله سؤالًا مقيّدًا بالاقتفاء، فأجابه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بحلّ الأكل، فلا مفهوم له؛ لأنَّ شَرْط العمل بمفهوم المخالفة أن لا يخرج الجواب مخرج السؤال؛ كما هنا، فلا يُقيّد به الإطلاق الواقع في حديث أبي ثعلبة - رضي الله عنه - الذي سأل سؤالًا مطلقًا، فأجابه جوابًا مطلقًا، بلا استفصال، فلو كان الطلب شرطًا في حلّه، لبيّن له، ومما يدلّ عليه حديث البهزيّ المذكور.
والحاصل أن عدم اشتراط الطلب للحِلّ هو الظاهر، فتأمّل، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رحمه الله - أوّل الكتاب قال:
١ - (مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ) السلميّ، أبو عبد الله البغداديّ القَطِيعيّ، ثقةٌ [١٠](٢٣٧)(م د) تقدم في "الإيمان" ٩٢/ ٥٠٢.
٢ - (مَعْنُ بْنُ عِيسَى) بن يحيى الأشجعيّ مولاهم، أبو يحيى المدنيّ القزّاز، ثقةٌ ثبتٌ، قال أبو حاتم: هو أثبت أصحاب مالك، من كبار [١٠](ت ١٩٨)(ع) تقدم في "الطهارة" ٧/ ٥٦٣.
والباقون ذُكروا قبله.
وقوله: ("فَكُلْهُ مَما لَمْ يُنْتِنْ") قال القرطبيّ - رحمه الله -: اختلف العلماء في تعليل هذا المنع، فمنهم من قال: إذا أنتن لَحِق بالمستقذرات التي تمجُّها الطِّباع، فيُكره أكلها تنزيهًا، فلو أكلها لجاز، كما قد أكل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - الإهالة السَّنِخة، وهي المُنتنة، ومنهم من قال: بل هو مُعلَّلٌ بما يُخاف منه الضرر على آكله، وعلى هذا التعليل يكون أصله محرَّمًا؛ إن كان الخوف محققًا، وقيل: إن ذلك النتن يمكن أن يكون مِنْ نَهْش ذوات السُّموم، قال ابن شهاب: كُلْ مما قُتل إلا أن يَنْعَطِن، فإذا انعَطَن فإنَّه نهشٌ، وفسَّروا "ينعطن" بأنَّه إذا مُدَّ تَمَرَّط، قال