للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بقاف مفتوحة، ثم دال ساكنة؛ أي: مثل الثور، والثاني: كفِدَر، بفاء مكسورة، ثم دال مفتوحة: جمع فِدْرة، والأول أصحّ، وادَّعَى القاضي أنه تصحيف، وأن الثاني هو الصواب، وليس كما قال. انتهى (١).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: و"حجاج العين"، يقال: بفتح الحاء وكسرها، وهو الوَقْب أيضًا، وهو غار العين الذي فيه حبَّتها، وأصل الوقب: الحفرة في الحجر.

و"الفِدَرُ": جمع فِدْرَة، وهي: القطعة من اللحم، والعجين، وشِبْههما، وهي: الثَّور" أيضًا، وجَمْعه: أثوار، والمراد بها هنا: قِطَع العجين، أو السويق، ولذلك شبَّه قِطَع اللحم بها؛ إذ قال: كفِدْر الثور.

قال الجامع عفا الله عنه: تفسير القرطبيّ للثور بالقطعة يخالف تفسير غيره بأنه الثور المعروف، وهذا هو الأقرب، والأشبه بمعنى الحديث، والمعنى أنهم يقطعون من تلك الدابّة قطعةً كبيرة، بقدر ما تكون مثل الثور، والله تعالى أعلم.

قال القرطبيّ: فإن قيل: كيف جاز لهم أن يأكلوا من هذه الميتة إلى شهر، ومعلوم أن اللحم إذا أقام هذه المدَّة، بل أقل منها، أنه يُنتِن، ويشتدُّ نَتَنُه، فلا يحل الإقدام عليه، كما تقدم في الصيد؛ إذ قال - صلى الله عليه وسلم -: "كُلْه ما لم يُنْتِن"؟.

فالجواب: أن يقال: لعل ذلك لم يَنْتَهِ نَتَنُه إلى حال يخاف منه الضرر لبرودة الموضع، أو يقال: إنهم أكلوه طريًّا، ثم مَلَّحُوه، وجعلوه وشائِق؛ أي: قدَّدوه قدائد، كما يُفعل باللحم، ويقال فيه: وشقت اللحم، فاتَّشق، والوَشيقَة: القديدة، وعلى هذا يدلّ قوله: "ونقتطع منه الفِدَر أي: القِطع الكبار. انتهى (٢).

(فَلَقَدْ أَخَذَ مِنَّا أَبُو عُبَيْدَةَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فَأَقْعَدَهُمْ فِي وَقْبِ عَيْنِهِ)؛ أي: في الحفرة التي فيها حبّة عينه، (وَأَخَذَ)؛ أي: أمر بالأخذ، ففي رواية البخاريّ: "ثم أمر أبو عبيدة(ضِلَعًا من أضلاعه) "الضّلع" - بكسر الضاد


(١) "شرح النوويّ" ١٣/ ٨٧.
(٢) "المفهم" ٥/ ٢٢١ - ٢٢٢.