للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بنفسه، أو باصطياد، وسيأتي تمام البحث فيه في المسألة التالية - إن شاء الله تعالى -.

١١ - (ومنها): أنه يستفاد من قوله: "أكلنا منه نصف شهر"، جواز أكل اللحم، ولو أنتن؛ لأن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قد أكل منه بعد ذلك، واللحم لا يبقى غالبًا، بلا نتن في هذه المدة، لا سيما في الحجاز، مع شدة الحرّ، لكن يَحْتَمِل أن يكونوا مَلَّحوه، وقَدَّدُوهُ، فلم يدخله نتن، وقد تقدم قريبًا قول النووي أن النهي عن أكل اللحم، إذا أنتن للتنزيه، إلا إن خيف منه الضرر فيحرم، وهذا الجواب على مذهبه، ولكن المالكية حملوه على التحريم مطلقًا، وهو الظاهر، ويأتي في الطافي نظير ما قاله في النتن، إذا خُشي منه الضرر، قاله في "الفتح" (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي استظهره في "الفتح" من حَمْل النهي على التحريم، كما قال المالكيّة، هو الحقّ عندي، كما تقدّم بيانه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في حكم صيد البحر:

قال النوويّ - رحمه الله -: قد أجمع المسلمون على إباحة السمك، قال بعض أصحابنا: يحرم الضفدع؛ للحديث في النهي عن قتلها، قالوا: وفيما سوى ذلك ثلاثة أوجه:

[أصحها]: يحلّ جميعه؛ لهذا الحديث.

[والثاني]: لا يحل.

[والثالث]: يحل ما له نظير مأكول في البر، دون ما لا يؤكل نظيره، فعلى هذا تؤكل خيل البحر، وغنمه، وظباؤه، دون كلبه، وخنزيره، وحماره، قال: قال أصحابنا: والحمار، وإن كان في البر مأكول وغيره، ولكن الغالب غير المأكول، هذا تفصيل مذهبنا.

وممن قال بإباحة جميع حيوانات البحر، إلا الضفدع: أبو بكر الصديق، وعمر، وعثمان، وابن عباس - رضي الله عنهم -، وأباح مالك الضفدع، والجميع، وقال أبو


(١) "الفتح" ١٢/ ٤٥٠.