للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حنيفة: لا يحل غير السمك، وأما السمك الطافئ، وهو الذي يموت في البحر، بلا سبب، فمذهبنا إباحته، وبه قال جماهير العلماء، من الصحابة، فمن بعدهم، منهم: أبو بكر الصديق، وأبو أيوب، وعطاء، ومكحول، والنخعيّ، ومالك، وأحمد، وأبو ثور، وداود، وغيرهم، وقال جابر بن عبد الله، وجابر بن زيد، وطاوس، وأبو حنيفة: لا يحل.

دليلنا قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} الآية [المائدة: ٩٦]، قال ابن عباس، والجمهور: "صيده ما صدتموه، وطعامه ما قذفه"، وبحديث جابر هذا، وبحديث: "هو الطهور ماؤه، الحل ميتته"، وهو حديث صحيح، وبأشياء مشهورة، غيرِ ما ذكرنا.

وأما الحديث المرويّ عن جابر، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "ما ألقاه البحر، وجَزَر عنه، فكلوه، وما مات فيه، فطفا فلا تأكلوه"، فحديث ضعيفٌ باتّفاق أئمة الحديث، لا يجوز الاحتجاج به، لو لم يعارضه شيء، كيف وهو معارَضٌ بما ذكرناه.

[فإن قيل]: لا حجة في حديث العنبر؛ لأنهم كانوا مضطرّين.

[قلنا]: الاحتجاج بأكل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - منه في المدينة، من غير ضرورة. انتهى كلام النوويّ - رحمه الله - (١).

وقال في "الفتح" ما حاصله: يستفاد من الحديث إباحة ميتة البحر، سواء مات بنفسه، أو مات بالاصطياد، وهو قول الجمهور، وعن الحنفية: يكره، وفرّقوا بين ما لَفَظَه، فمات، وبين ما مات فيه، من غير آفة، وتمسّكوا بحديث أبي الزبير، عن جابر: "ما ألقاه البحر، أو جَزَر عنه، فكلوه، وما مات فيه فطفا، فلا تأكلوه"، أخرجه أبو داود، مرفوعًا، من رواية يحيى بن سُليم الطائفيّ، عن أبي الزبير، عن جابر، ثم قال: روى الثوريّ، وأيوب، وغيرهما عن أبي الزبير، هذا الحديث موقوفًا، وقد أسند من وجه ضعيف، عن ابن أبي ذئب، عن أبي الزبير، عن جابر، مرفوعًا، وقال الترمذيّ: سألت البخاري عنه؟، فقال: ليس بمحفوظ، ويُرْوَى عن جابر خلافه. انتهى، ويحيى بن سليم


(١) "شرح النوويّ" ١٣/ ٨٦.