للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وعن الشافعية الحلّ مطلقًا، على الأصح المنصوص، وهو مذهب المالكية، إلا الخنزير في رواية، وحجتهم قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} [المائدة: ٩٦]، وحديث: "هو الطهور ماؤه، الحل ميتته"، أخرجه مالك، وأصحاب "السنن"، وصححه ابن خزيمة، وابن حبان، وغيرهم. وعن الشافعية: ما يؤكل نظيره في البر حلال، وما لا فلا، واستثنوا على الأصح، ما يعيش في البحر والبر، وهو نوعان:

[النوع الأول]: ما ورد في مَنْع أَكْله شيء يخصه، كالضفدع، وكذا استثناه أحمد؛ للنهي عن قتله، وردَ ذلك من حديث عبد الرحمن بن عثمان التيمي، أخرجه أبو داود، والنسائيّ، وصححه، والحاكم، وله شاهد من حديث ابن عمر، عند ابن أبي عاصم، وآخر عن عبد الله بن عمر، وأخرجه الطبراني، في "الأوسط"، وزاد: "فإن نقيقها تسبيح"، وذكر الأطباء أن الضفدع نوعان: بري، وبحري، فالبري يَقتُل آكله، والبحريّ يضره.

ومن المستثنى أيضًا: التمساح؛ لكونه يَعْدُو بنابه، وعند أحمد فيه رواية، ومثله القِرْش في البحر الملح، خلافًا لِمَا أفتى به المحب الطبري، والثعبان، والعقرب، والسرطان، والسلحفاة؛ للاستخباث، والضرر اللاحق، من السم، ودنيلس، قيل: إن أصله السرطان، فإن ثَبَت حَرُم.

[النوع الثاني]: ما لم يَرِدْ فيه مانع، فيحل، لكن بشرط التذكية، كالبط، وطير الماء، والله أعلم. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تبيّن بما ذُكر أن أرجح الأقوال هو القول بتعميم حل أكل حيوان البحر، إلا ما ورد نصّ صحيح بمنع أكله، وإلا ما ثبت عن ثقات الأطبّاء، أو التجربة ضرره، فيحرم، وقد كنت رجحت في "شرح النسائيّ" في "الطهارة" قول من خصّ الحلّ بالسمك، فقط؛ لحديث: "أُحلّت لنا ميتتان. . ."، فقد بيّن الميتة بأنهما السمك والجراد، ولكن الآن ترجّح عندي ما ذكرته؛ لقوة حديث قصة جيش أبي عبيدة - رضي الله عنه -، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.


(١) "الفتح" ١٢/ ٤٥٠ - ٤٥١.