للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(المسألة الخامسة): قال في "الفتح": وقع في أواخر "صحيح مسلم" في الحديث الطويل، من طريق الوليد بن عبادة بن الصامت: أنهم دخلوا على جابر، فرأوه يصلي في ثوب. . . الحديث، وفيه قصة النخامة في المسجد، وفيه أنهم خرجوا في غزاة ببطن بُوَاط، وفيه قصة الحوض، وفيه قيام المأمومين خلف الإمام، كل ذلك مُطوَّل، وفيه قال: سرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان قوت كل رجل منا تمرة، كل يوم، فكان يمصها، وكنا نختبط بقِسِيّنا، ونأكل، وسرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حتى نزلنا واديًا أفيح، فذكر قصة الشجرتين اللتين التفّتا بأمر النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، حتى تستّر بهما عند قضاء الحاجة، وفيه قصة القبرين اللذين غَرَس في كل منهما غصنًا، وفيه فأتينا العسكر، فقال: "يا جابر ناد الوضوء. . ."، فذكر القصة بطولها، في نبع الماء من بين أصابعه، وفيه: وشكا الناس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجوع، فقال: "عسى الله أن يطعمكم"، فأتينا سِيف البحر، فزجر البحر زَجْرة، فألقى دابة، فأَوْرينا على شِقِّها النار، فاطّبخنا، واشتوينا، وأكلنا، وشبعنا، وذكر أنه دخل هو وجماعة في عينها، وذكر قصة الذي دخل تحت ضلعها، ما يُطأطئ رأسه، وهو أعظم رجل في الركب، على أعظم جمل، وظاهر سياق هذه القصة، يقتضي مغايرة القصة المذكورة في هذا الباب، وهي من رواية جابر أيضًا، حتى قال عبد الحق، في "الجمع بين الصحيحين": هذه واقعة أخرى غير تلك، فإن هذه كانت بحضرة النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وما ذكره ليس بنص في ذلك؛ لاحتمال أن تكون الفاء في قول جابر، فأتينا سِيف البحر هي الفصيحة، وهي معقبة لمحذوف تقديره: فأرسَلَنا النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مع أبي عبيدة، فأتينا سِيف البحر، فتتحد القصتان، قال الحافظ: وهذا هو الراجح عندي، والأصل عدم التعدد.

ومما ننبّه عليه هنا أيضًا، أن الواقديّ زعم أن قصة بعث أبي عبيدة، كانت في رجب سنة ثمان، وهو عندي خطأ؛ لأن في نفس الخبر الصحيح، أنهم خرجوا يترصدون عِير قريش، وقريش في سنة ثمان، كانوا مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في هدنة، قال: وقد نبهت على ذلك في "المغازي"، وجوّزت أن يكون ذلك قبل الهدنة في سنة ست، أو قبلها، ثم ظهر لي الآن تقوية ذلك، بقول جابر، في رواية مسلم هذه: إنهم خرجوا في غَزاة بُواط، وغزاة بُواط كانت في السنة