للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الثانية من الهجرة، قبل وقعة بدر، وكان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - خرج في مائتين من أصحابه، يعترض عيرًا لقريش، فيها أمية بن خلف، فبلغ بُواطًا، وهي بضم الموحدة، جبال لجهينة، مما يلي الشام، بينها وبين المدينة أربعة بُرُد، فلم يلق أحدًا، فرجع، فكأنه أفرد أبا عبيدة، فيمن معه يرصُدون العير المذكورة، ويؤيد تقدمَ أمرها، ما ذُكر فيها من القِلّة والجهد، والواقع إنهم في سنة ثمان، كان حالهم اتسع، بفتح خيبر وغيرها، والجهد المذكور في القصة، يناسب ابتداء الأمر، فيرجح ما ذكرته، والله أعلم. انتهى كلام الحافظ رحمه الله تعالى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي في دعوى اتّحاد قصّتي جابر - رضي الله عنه - هاتين نظرٌ؛ بل الذي يظهر لي هو ما قاله عبد الحقّ - رحمه الله - من تغاير الواقعتين كما يدلّ عليه سياقهما، والجمع الذي ذكره الحافظ لا يخفى ما فيه من التكلّف، فتأمله بالإمعان، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رحمه الله - أوّل الكتاب قال:

[٤٩٩١] (. . .) - (حَدَّثَنَا عبد الجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: سَمِعَ عَمْرٌو جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَنَحْنُ ثَلَاثُمِائَةِ رَاكِبٍ، وَأَمِيرُنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، نَرْصُدُ عِيرًا لِقُرَيْشٍ، فَأَقَمْنَا بِالسَّاحِلِ نِصْفَ شَهْرٍ، فَأَصَابَنَا جُوعٌ شَدِيدٌ، حَتَّى أَكَلْنَا الْخَبَطَ، فَسُمِّيّ جَيْشَ الْخَبَطِ، فَأَلْقَى لَنَا الْبَحْرُ دَابَّةً، يُقَالُ لَهَا: الْعَنْبَرُ، فَأَكَلْنَا مِنْهَا نِصْفَ شَهْرٍ، وَادَّهَنَّا مِنْ وَدَكِهَا، حَتَّى ثَابَتْ أَجْسَامُنَا، قَالَ: فَأَخَذَ أَبُو عُبَيْدَةَ ضِلَعًا مِنْ أَضْلَاعِهِ، فَنَصَبَهُ، ثُمَّ نَظَرَ إِلَى أَطْوَلِ رَجُلٍ فِي الْجَيْشِ، وَأَطْوَلِ جَمَلٍ، فَحَمَلَهُ عَلَيْهِ، فَمَرَّ تَحْتَهُ، قَالَ: وَجَلَسَ فِي حَجَاجِ عَيْنِهِ نَفَرٌ، قَالَ: وَأَخْرَجْنَا مِنْ وَقْبِ عَيْنِهِ كَذَا وَكَذَا قُلَّةَ وَدَكٍ، قَالَ: وَكَانَ مَعَنَا جِرَابٌ مِنْ تَمْرٍ، فَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ يُعْطِي كُلَّ رَجُلٍ مِنَّا قَبْضَةً قَبْضَةً، ثُمَّ أَعْطَانَا تَمْرَةً تَمْرَةً، فَلَمَّا فَنِيَ وَجَدْنَا فَقْدَهُ).


(١) "الفتح" ١٢/ ٤٥١ - ٤٥٢.