(١٢٠٣) - حدّثنا عبد الله، حدّثني أبي، ثنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر، عن الزهريّ، عن الحسن وعبد الله ابني محمد بن عليّ، عن أبيهما محمد بن عليّ، أنه سمع أباه عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال لابن عباس، وبلغه أنه رخص في متعة النساء، فقال له عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنه -: "إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد نَهَى عنها يوم خيبر، وعن لحوم الحمر الأهلية". انتهى (١).
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رحمه الله - أوّل الكتاب قال:
وقوله:(حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لُحُومَ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ) قال القرطبي: هذه الرواية نصٌّ في تحريمها، وهي مفسِّرة للنَّهي الوارد في الروايات الأخر، وبالتحريم للحوم الحمر الأهلية قال جمهور العلماء سلفًا وخلفًا، وفي مذهب مالك قولٌ بالكراهة المغلظة، والصحيح: الأول؛ لِمَا تقدم.
لا يقالُ: كيف يُجْزَم بتحريم أكْلها مع اختلاف الصحابة في تعليل النهي الوارد فيها على أقوال؛ فمنهم من قال: نهى عنها لأنَّها لم تُخَتَّس، ومنهم من قال: لأنها كانت حَمولتهم، ومنهم من قال: لأنها كانت تأكل الْجَلَّة، كما ذكره أبو داود، ومنهم من قال: لأنها رجس، وهذه كلها ثابتة بطرق صحيحة، وهي متقابلة، فلا تقوم بواحد منها حجَّة. فكيف يجزم بالتحريم، وإذا لم يجزم بالتحريم فأقل درجات النهي أن يحمل على الكراهة؟.
لأنَّا نجيب عن ذلك بأن الصحابيّ قد نصَّ على التحريم كما ذكرناه آنفًا، وبأن أولى العلل ما صرَّح به منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: "إن الله ورسوله
(١) "مسند الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله -" ١/ ١٤٢.