للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

النجاسات إنما تكون بالماء، خلافًا لأبي حنيفة، وقد تقدم. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: حديث سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه، وقد مضى للمصنّف مطوّلًا في "كتاب الجهاد" [٤١/ ٤٦٥٩] (١٨٠٢) وقد مرّ شرحه مستوفًى، وكذا وبيان مسائله هناك، فراجعه تستفد، وبالله تعالى التوفيق.

[تنبيه]: في الحديث أن الذكاة لا تطهّر ما لا يحل أكله، وأن كل شيء تنجّس بملاقاة النجاسة يكفي غسله مرة واحدةً؛ لإطلاق الأمر بالغسل، فإنه يصدُق بالامتثال بالمرة، والأصل أن لا زيادة عليها، وأن الأصل في الأشياء الإباحة؛ لكون الصحابة - رضي الله عنهم - أقدموا على ذبحها، وطبخها، كسائر الحيوان من قبل أن يستأمروا، مع توفّر دواعيهم على السؤال عما يُشكل، وأنه ينبغي لأمير الجيش تفقّد أحوال رعيته، ومن رآه فَعَل ما لا يَسوغ في الشرع أشاع منعه، إما بنفسه، كأن يخاطبهم، وإما بغيره بأن يأمر مناديًا فينادي؛ لئلا يغترّ به من رآه، فيظنه جائزًا، قاله في "الفتح" (٢).

وقال النوويّ - رضي الله عنه -: هذا صريحٌ في نجاستها، وتحريمها، وتؤيده الرواية الأخرى: "فإنها رجس"، وفي الأخرى: "رجس، أو نجس".

وفيه وجوب غسل ما أصابته النجاسة، وأن الإناء النجس يطهر بغسله مرةً واحدةً، ولا يحتاج إلى سبع، إذا كانت غير نجاسة الكلب والخنزير، وما تولّد من أحدهما.

قال: وهذا مذهبنا، ومذهب الجمهور، وعند أحمد: يجب سبع في الجميع على أشهر الروايتين عنه، وموضع الدلالة أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أطلق الأمر بالغسل، ويَصدُق ذلك على مرة، ولو وجبت الزيادة لبيّنها، فإن في المخاطَبِين من هو قريب العهد بالإسلام، ومن في معناه ممن لا يَفهم من الأمر بالغسل إلا مقتضاه عند الإطلاق، وهو مرةً.

وأما أمْره - صلى الله عليه وسلم - أوّلًا بكسرها، فيَحْتَمِل أنه كان بوحي، أو باجتهاد، ثم نُسِخَ، وتعيَّن الغسل، ولا يجوز اليومَ الكسرُ؛ لأنه إتلاف مال.


(١) "المفهم" ٣/ ٢٢٦ - ٢٢٧.
(٢) "الفتح" ١٢/ ٥١٢.