وأيضًا فلو سُلِّم الاستدلال للزم منع حمل الأثقال على الخيل والبغال والحمير، ولا قائل به.
وأما ثانيًا: فدلالة العطف إنما هي دلالة اقتران، وهي ضعيفة.
وأما ثالثًا: فالامتنان إنما قصد به غالبًا ما كان يقع به انتفاعهم بالخيل، فخوطبوا بما أَلِفُوا، وعرفوا، ولم يكونوا يعرفون أكل الخيل؛ لعزّتها في بلادهم، بخلاف الأنعام، فإن أكثر انتفاعهم بها كان لحمل الأثقال، وللأكل، فاقتصر في كل من الصنفين على الامتنان بأغلب ما ينتفع به، فلو لزم من ذلك الحصر في هذا الشقّ للزم مثله في الشق الآخر.
وأما رابعًا: فلو لزم من الإذن في أكلها أن تفنى للزم مثله في البقر، وغيرها، مما أُبيح أكله، ووقع الامتنان بمنفعة له أخرى، والله أعلم. انتهى ما في "الفتح"(١).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا البحث الذي طوّل به الحافظ - رحمه الله - نَفَسه، بحث نفيسٌ مهمّ جدًّا.
والحاصل أن ما ذهب إليه الجمهور، من حلّ أكل لحوم الخيل هو الحقّ؛ لوضوح أدلّته، وصراحتها، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رحمه الله - أوّل الكتاب قال: