للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عن هذا في "شرح المقدّمة"، فراجعه (عَنْ زيدِ بْنِ وَهْبٍ) الجُهنيّ (عَنْ حُذَيْفَةَ) - رضي الله عنه - ـ أنه (قَالَ: حَدَّثنَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حَدِيثَيْنِ) قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: معناه: حدثنا حديثين في الأمانة، وإلا فروايات حذيفة - رَحِمَهُ اللهُ - كثيرة في "الصحيحين" وغيرهما، قال صاحب"التحرير" وعنى بأحد الحديثين قوله: "حَدَّثَنَا أن الأمانة نَزَلت في جِذْر قلوب الرجال"، وبالاني قوله: "ثم حَدَّثنا عن رفع الأمانة … " إلى آخره. انتهى (١).

(قَدْ رَأَيْتُ أَحَدَهُمَا، وَأنَا أَنْتَظِرُ الْآخَرَ، حَدَّثَنَا أَنَّ الْأَمَانَةَ) الظاهر أن المراد بها التكليف الذي كَلَّف الله تعالى به عباده، والعهدُ الذي أخذه عليهِم، قال الإمام أبو الحسن الواحديّ - رَحِمَهُ اللهُ - في قول الله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ} الآية [الأحزاب: ٧٢]: قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: هي الفرائض التي افترضها الله تعالى على العباد، وقال الحسن: هو الدينُ والدين كلُّه أمانة، وقال أبو العالية: الأمانةُ ما أُمِروا به، وما نُهُوا عنه، وقال مقاتل: الأمانة الطاعة، قال الواحديّ: وهذا قول أكثر المفسرين، قال: فالأمانة في قول جميعهم: الطاعة، والفرائض التي يتعلق بأدائها الثواب، وبتضييعها العقاب، والله تعالى أعلم.

وقال صاحب "التحرير": الأمانة في الحديث: هي الأمانة المذكورة في قوله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ}، وهي عين الإيمان، فإذا استمكنت الأمانة من قلب العبد، قام حينئذٍ بأداء التكاليف، واغتَنَمَ ما يَرِدُ عليه منها، وَجَدَّ في إقامتها، والله تعالى أعلم. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: الأمانة: كلُّ ما يُوكَلُ إلى الإنسان حفظه، ويُخلَّى بينه وبينه، ومن هنا سُمّي التكليف أمانة في قوله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ} الآية [الأحزاب: ٧٢] في قول كثير من المفسّرين. انتهى (٣).

وقال في "الفتح": قال ابن التين: "الأمانة": كلّ ما يَخْفَى ولا يعلمه،


(١) "شرح النوويّ" ٢/ ١٦٨.
(٢) "شرح النوويّ" ٢/ ١٦٨.
(٣) "المفهم" ١/ ٣٥٦.