للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الفريابيّ، عن سفيان، وهو الثوريّ، ولفظه: "غزونا مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - سبع غزوات، نأكل الجراد"، وكذا أخرجه الترمذيّ من وجه آخر عن الثوريّ، وأفاد أن سفيان بن عيينة روى هذا الحديث أيضًا عن أبي يعفور، لكن قال: "ست غزوات"، وكذا أخرجه أحمد بن حنبل، عن ابن عيينة جازمًا بالستّ، وقال الترمذيّ: كذا قال ابن عيينة: "ستّ"، وقال غيره: "سبع".

قال الحافظ: ودلّت رواية شعبة على أن شيخهم كان يشكّ، فيُحْمَل على أنه جزم مرّةً بالسبع، ثم لمّا طرأ عليه الشك صار يجزم بالستّ؛ لأنه المتَيَقَّن، ويؤيِّد هذا الحمل أن سماع سفيان بن عيينة عنه متأخر دون الثوريّ، ومن ذكر معه، ولكن وقع عند ابن حبان من رواية أبي الوليد شيخ البخاريّ فيه: "سبعًا، أو ستًّا"، يشك شعبة. انتهى (١).

[تنبيه]: وقع في "توضيح ابن مالك": "سبع غزوات، أو ثماني"، وتكلم عليه، فقال: الأجود أن يقال: "سبع غزوات، أو ثمانيةً" بالتنوين؛ لأن لفظ "ثمان"، وإن كان كلفظ جَوَارٍ في أن ثالث حروفه ألف، بعدها حرفان، ثانيهما ياء، فهو يخالفه في أن جَواري جَمْع، وثمانية ليس بجمع، واللفظ بهما في الرفع والجر سواء، ولكن تنوين ثمان تنوين صرف، وتنوين جوار تنوين عوض، وإنما يفترق لفظ ثمان وجوار في النصب، فإنك تقول: رأيت جواريَ ثمانيًا، فتترك تنوين جواري؛ لأنه غير منصرف، وقد استُغني عن تنوين العوض بتكميل لفظه، وتُنَوِّن ثمانيًا؛ لأنه منصرف؛ لانتفاء الجمعيّة، ومع هذا ففي قوله: أو ثماني بلا تنوين بالنصب، واستمر يتكلم على ذلك، ثم قال: وفي ذِكره له بلا تنوين ثلاثة أوجه:

أحدها، وهو أجودها: أن يكون أراد: أو ثماني غزوات، ثم حَذَفَ المضافَ إليه، وأبقى المضاف على ما كان عليه قبل الحذف، وحسّن الحذف دلالة ما تقدّم من مثل المحذوف، ومثله قول الشاعر [من الخفيف]:

خَمْسُ ذَوْدٍ أَوْ سِتُّ عُوِّضَ مِنْهَا … مِائَةٌ غَيْرُ أَبْكُرٍ وَإِفَالِ (٢)


(١) "الفتح" ١٢/ ٤٥٤ - ٤٥٥ رقم (٥٤٩٥).
(٢) الأبكُر: جمع بَكْر، الفتي من الإبل، والأفيل؛ كالفصيل وزنًا ومعنًى، والجمع إفال.