للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والإكمال، والتحسين في الأعمال المشروعة، فحقّ من شَرَع في شيء منها أن يأتي به على غاية كماله، ويُحافظ على آدابه المصحّحة، والمكمّلة، وإذا فعل ذلك قُبل عمله، وكثُر ثوابه. (عَلَى كُلِّ شَيْءٍ) "على" هنا بمعنى "في"، كما في قوله تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} الآية [البقرة: ١٠٢]؛ أي: في ملكه، ويقال: كان كذا على عهد فلان؛ أي: في عهده، حكاه الْقُتبيّ. فـ (إِذَا قَتَلْتُمْ)؛ أي: شرعتم في قتل شيء، (فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ) قال القرطبيّ: بكسر القاف، هي الرواية، وهي هيئة القتل، و"القَتْلَةُ" بالفتح مصدر قَتَل المحدود، وكذلك الرِّكْبَةُ، والْمِشْيَةُ الكسر للاسم، والفتح للمصدر.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: المراد أن المفتوح للمرة، والمكسور للهيئة، كما قال ابن مالك في "الخلاصة":

وَفَعْلَةٌ لِمَرَّةٍ كَـ "جَلْسَهْ" … وَفِعْلَةٌ لِهَيْئَةٍ كَـ "جِلْسَهْ"

وقال النوويّ: الْقِتْلة بكسر القاف: هي الهيئة، والحالة (١).

(وَإِذَا ذَبَحْتُمْ)؛ أي: شرعتم في ذبح الحيوان، (فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ) بفتح الذال المعجمة، وسكون الموحّدة: أصله: الشقّ، والقطع، قال الشاعر [من الرجز]:

كَأَنَّ بَيْنَ فَكِّهَا وَالْفَكِّ … فَأْرَةَ مِسْكٍ ذُبِحَتْ فِي سُكّ

وقال النوويّ - رحمه الله -: وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فأحسنوا الذبح" فوقع في كثير من النُّسخ، أو أكثرها: "فأحسنوا الذبح" بفتح الذال بغير هاء، وفي بعضها: "الذِّبْحَةَ" بكسر الذال، وبالهاء، كالْقِتلة، وهي الهيئة، والحالة أيضًا. انتهى (٢).

(وَلْيُحِدَّ) بضمّ أوّله، وكسر ثالثه، من الإحداد، أو من التحديد، يقال: أحدّ السكّينَ، وحدّدها، واستحدّها: بمعنىً. ويجوز أن يكون بفتح أوله، وضمّ ثالثه، من الحدّ، من باب قتل، وقال الفيّوميّ: حَدَّ السّيفُ وغيرُهُ يَحِدّ، من باب ضرب حِدَّةً، فهو حديد، وحادّ؛ أي: قاطعٌ ماضٍ، ويُعدّى بالهمزة، والتضعيف، فيقال: أحددته، وحَدَّدته، وفي لغة يتعدّى بالحركة، فيقال: حَدَدته أَحُدُّهُ، من باب قَتَل. انتهى (٣).


(١) "شرح النوويّ" ١٣/ ١٠٧.
(٢) "شرح النوويّ" ١٣/ ١٠٧.
(٣) "المصباح المنير" ١/ ١٢٥.