للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والمعنى هنا؛ أي: ليجعله حَادًّا، سريع القطع.

وقال النوويّ - رحمه الله -: قوله: "ولْيُحِدّ" هو بضم الياء، يقال: أَحَدَّ السكينَ، وحدّدها، واستحدّها بمعنى.

(أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ) - بفتح الشين المعجمة، وسكون الفاء -: الْمُدية، وهي السكّين العريض، والجمع شِفَار، مثلُ كَلْبة وكِلاب، وشَفَرَات، مثلُ سَجْدة وسَجَدَات، أفاده الفيّوميّ (١).

(فَلْيُرِحْ) بضم أوله، من الإراحة، (ذَبِيحَتَهُ") فَعِيلة بمعنى مفعولة؛ أي: مذبوحته، وجَمْعها ذبائح، ككريمة وكَرائم. فقوله: "وليُحدّ" تفسير لمعنى الإحسان إلى الذبيحة.

قال النوويّ - رحمه الله -: قوله: "ولْيُرِح ذبيحته أي: بإحداد السكين، وتعجيل إمرارها، وغير ذلك، ويستحبّ أن لا يُحِدّ السكين بحضرة الذبيحة، وأن لا يذبح واحدة بحضرة أخرى، ولا يَجُرّها إلى مذبحها.

قال: وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فأحسنوا القِتلة" عامّ في كل قتيل من الذبائح، والقتل قصاصًا، وفي حدّ، ونحو ذلك، وهذا الحديث من الأحاديث الجامعة لقواعد الإسلام، والله أعلم. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ: وإحسان الذبح في البهائم: الرفقُ بالبهيمة، فلا يصرعها بعنف، ولا يجُرّها من موضع إلى موضع، وإحداد الآلة، وإحضار نيّة الإباحة والقربة، وتوجيهها إلى القبلة، والتسمية، والإجهاز، وقطع الودجين، والحلقوم، وإراحتها، وتركها إلى أن تبرُد، والاعتراف لله تعالى بالمنّة، والشكر له على النعمة بأنه سخّر لنا ما لو شاء لسلّطه علينا، وأباح لنا ما لو شاء لحرّمه علينا. وقال ربيعة: من إحسان الذبح ألا تذبح بهيمة، وأُخرى تنظر. وحُكي جوازه عن مالك، والأول أَولى.

ثم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا قتلتم، فأحسنوا الْقِتلة" يُحمل على عمومه في كلّ شيء، من التذكية، والقصاص، والحدود، وغيرها، ولْيُجْهِز في ذلك، ولا


(١) "المصباح المنير" ١/ ٣١٧.
(٢) "شرح النوويّ" ١٣/ ١٠٧.