للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ هَذَا يَوْمٌ اللَّحْمُ فِيهِ مَكْرُوهٌ، وَإِنِّي عَجَّلْتُ نَسِيكَتِي لأُطْعِمَ أَهْلِي، وَجِيرَانِي، وَأَهْلَ دَارِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أَعِدْ نُسُكًا"، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ عِنْدِي عَنَاقَ لَبَنٍ، هِيَ خَيْرٌ مِنْ شَاتَيْ لَحْمٍ، فَقَالَ: "هِيَ خَيْرُ نَسِيكَتَيْكَ، وَلَا تَجْزِي جَذَعَةٌ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ").

رجال هذا الإسناد: خمسة:

١ - (هُشَيْمُ) بن بَشِير، تقدّم في الباب الماضي.

٢ - (دَاوُدُ) بن أبي هند، تقدّم قريبًا.

والباقون ذُكروا قبله.

وقوله: (إِنَّ هَذَا يَوْمٌ اللَّحْمُ فِيهِ مَكْرُوهٌ) قال القاضي عياض: كذا رويناه في مسلم: "مكروه" بالكاف والهاء، من طريق السجزيّ، والفارسيّ، وكذا ذكره الترمذيّ، قال: رويناه في مسلم من طريق العذريّ: "مقروم" بالقاف والميم، قال: وصوّب بعضهم هذه الرواية، وقال: معناه يُشتهى فيه اللحم، يقال: قَرِمتُ (١) إلى اللحم، وقَرِمته: إذا اشتهيته، قال: وهي بمعنى قوله في غير مسلم: "عَرَفت أنه يوم أكل وشرب، فتعجلت، وأكلت، وأطعمت أهلي، وجيراني"، وكما جاء في الرواية الأخرى: "إن هذا يوم يُشْتَهَى فيه اللحم"، وكذا رواه البخاريّ، قال القاضي: وأما رواية: "مكروه"، فقال بعض شيوخنا: صوابه: اللَّحَمُ فيه مكروه، بفتح الحاء؛ أي: تركُ الذبح، والتضحية، وبقاء أهله فيه بلا لحم حتى يشتهوه مكروه، واللَّحَم بفتح الحاء: اشتهاء اللحم، قال القاضي: وقال لي الأستاذ أبو عبد الله بن سليمان: معناه: ذَبْح ما لا يجزي في الأضحية مما هو لحم مكروه؛ لمخالفة السُّنَّة، هذا آخر ما ذكره القاضي.

وقال الحافظ أبو موسى الأصبهانيّ: معناه: هذا يومٌ طلبُ اللحم فيه مكروه شاقّ، وهذا حسنٌ، والله أعلم. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: وقوله: "إن هذا يومٌ اللحم فيه مكروه"، قال


(١) من باب تعب، كما تفيده عبارة "الصحاح".
(٢) "إكمال المعلم" ٦/ ٤٠٤ - ٤٠٥، و"شرح النوويّ" ١٣/ ١١٣.