للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قبل الصلاة، فإنما هو لحم عجّله لأهله، ليس من النُّسك في شيء". انتهى (١).

وقال في "الفتح": قوله: "هي خير نسيكتيك"، كذا فيه بالتثنية، وفيه ضم الحقيقة إلى المجاز بلفظ واحد، فإن النسيكة هي التي أجزأت عنه، وهي الثانية، والأُولى لم تُجْز عنه، لكن أطلق عليها نسيكةً؛ لأنه نحرها على أنها نسيكة، أو نحرها في وقت النسيكة، وإنما كانت خيرهما لأنها أجزأت عن الأضحية، بخلاف الأُولى، وفي الأُولى خير في الجملة باعتبار القصد الجميل.

وسيأتي عند مسلم بعد حديثين بلفظ: "قال: ضَحّ بها، فإنها خير نسيكة".

ونقل ابن التين عن الشيخ أبي الحسن - يعني: ابن القصار - أنه استَدَلّ بتسميتها نسيكةً على أنه لا يجوز بيعها، ولو ذُبحت قبل الصلاة، ولا يخفى وجه الضعف عليه. انتهى (٢).

وقوله: (وَلَا تَجْزِي جَذَعَةٌ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ) وفي رواية: "ولن تَجزي عن أحد بعدك": قال النوويّ: هو بفتح التاء، هكذا الرواية فيه في جميع الطرق، والكتب، ومعناه: لا تكفي، نحو قوله تعالى: {وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ} [لقمان: ٣٣]، وفيه أن جذعة المعز لا تجزي في الأضحية، وهذا متفق عليه. انتهى (٣).

وقال في "الفتح": قوله: "لا تجزي" هو بفتح أوله، غيرَ مهموز: وهو بمعنى "تَقضِي يقال: جزا عني فلانٌ كذا؛ أي: قَضَى، ومنه: {لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ} الآية [البقرة: ٤٨]؛ أي: لا تقضي عنها. قال ابن بَرِّيّ: الفقهاء يقولون: لا تُجزِئ - بالضم، والهمز - في موضعِ: لا تقضي، والصواب بالفتح، وترك الهمز، قال: لكن يجوز الضم والهمز، بمعنى الكفاية، يقال: أجزأ عنك. وقال صاحب "الأساس": بنو تميم يقولون: البَدَنة تُجزِي عن سبعة، بضم أوّله، وأهل الحجاز: تَجزِي بفتح أوله، وبهما قُرِئَ: {لَا تَجْزِي


(١) "المفهم" ٥/ ٣٥٩.
(٢) "الفتح" ١٢/ ٥٧٤.
(٣) "شرح النوويّ" ١٣/ ١١٣.