"نعم، ولا تجزئ عن أحد بعدك". متفق عليه، وحديثهم محمول على الجذع من الضأن؛ لِمَا ذكرنا، قال إبراهيم الحربيّ: إنما يجزئ الجذع من الضأن؛ لأنه ينزو، فيُلَقِّح، فإذا كان من المعز، لم يُلَقِّح حتى يكون ثُنْيَا. انتهى كلام ابن قُدامة رحمه الله (١).
وقال في "الفتح": في الحديث أن الجذع من المعز لا يجزي، وهو قول الجمهور، وعن عطاء، وصاحبه الأوزاعيّ: يجوز مطلقًا، وهو وجه لبعض الشافعية، حكاه الرافعيّ، وقال النوويّ: وهو شاذّ، أو غلط، وأغرب عياض، فحكى الإجماع على عدم الإجزاء، قيل: والإجزاء مُصادرٌ للنص، ولكن يَحتمل أن يكون قائله، قيّد ذلك بمن لم يجد غيره، ويكون معنى نفي الإجزاء، عن غير من أَذِن له في ذلك محمولًا، على من وجد.
وأما الجذع من الضأن، فقال الترمذيّ: إن العمل عليه عند أهل العلم، من أصحاب النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وغيرهم، لكن حكى غيره عن ابن عمر، والزهريّ: أن الجذع لا يجزي مطلقًا، سواء كان من الضأن، أم من غيره، وممن حكاه عن ابن عمر ابن المنذر، في "الإشراف"، وبه قال ابن حزم، وعزاه لجماعة من السلف، وأطنب في الرد على من أجازه. وَيحتمل أن يكون ذلك أيضًا، مقيّدًا بمن لم يجد، وقد صح فيه حديث جابر، رفعه:"لا تذبحوا إلا مسنة، إلا أن يعسر عليكم، فتذبحوا جذعة من الضأن"، أخرجه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وغيرهم. لكن نقل النوويّ عن الجمهور، أنهم حملوه على الأفضل، والتقدير: يستحب لكم أن لا تذبحوا إلا مسنة، فإن عجزتم، فاذبحوا جذعة من الضأن، قال: وليس فيه تصريح بمنع الجذعة من الضأن، وأنها لا تجزي، قال: وقد أجمعت الأمة على أن الحديث ليس على ظاهره؛ لأن الجمهور يجوّزون الجذع من الضأن، مع وجود غيره وعدمه، وابن عمر، والزهريّ يمنعانه مع وجود غيره وعدمه، فتعيّن تأويله.
وبدل للجمهور أحاديث، ومنها حديث أم هلال بنت هلال، عن أبيها، رفعه:"يجوز الجذع من الضأن أضحية"، أخرجه ابن ماجه، وحديث رجل من