للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

للغنم من لفظها، قاله ابن الأنباريّ. وقال الأزهريّ أيضًا: الغنم: الشاءُ، الواحدة شاة، وتقول العرب: راح على فلان غنمان؛ أي: قَطِيعان من الغنم، كلُّ قطيع منفردٌ بمَرْعًى، وراعٍ. وقال الجوهريّ: الغنم اسم مؤنّثٌ، موضوع لجنس الشاء، يقع على الذكر والإناث، وعليهما، ويُصغّر، فتدخل الهاء، ويقال: غُنيمةٌ؛ لأن أسماء الجموع التي لا واحد لها من لفظها، إذا كانت لغير الآدميين، وصُغّرت، فالتأنيث لازم لها. انتهى (١).

(يَقْسِمُهَما عَلَى أَصْحَابِهِ) قال في "الفتح": يَحْتَمِل أن يكون الضمير للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ويَحْتَمِل أن يكون لعقبة، فعلى كلٍّ، يَحتَمِل أن تكون الغنم ملكًا للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وأمَر بقسمتها بينهم تبرعًا، ويَحْتَمِل أن تكون من الفيء، واليه جنح القرطبيّ، حيث قال رحمه الله في الحديث: إن الإمام ينبغي له أن يُفَرِّق الضحايا على من لم يقدر عليها، من بيت مال المسلمين. وقال ابن بطال: إن كان قَسَمها بين الأغنياء، فهي من الفيء، وإن كان خَصّ بها الفقراء، فهي من الزكاة، وقد ترجم له البخاريّ في "الشركة": "باب قسمة الغنم، والعدل فيها"، وكأنه فهم أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بَيّن لعقبة، ما يعطيه لكل واحد منهم، وهو لا يُوَكِّل إلا بالعدل، وإلا لو كان وَكّلَ ذلك لرأيه، لَعَسُر عليه؛ لأن الغنم لا يتأتى فيها قسمة الأجزاء، وأما قسمة التعديل فتحتاج إلى ردّ؛ لأن استواء قِسمتها على التحرير بعيد.

قال الحافظ: ويَحتمل أن يكون النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ضَحَّى بها عنهم، ووقعت القسمة في اللحم، فتكون القسمة قسمة الأجزاء.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: لكن هذا الاحتمال الذي قاله الحافظ فيه نظر؛ إذ يُبعده قوله: "فبقي عتود"؛ لأن الظاهر أنه بقي من الأغنام المقسومة، لا المذبوحة، والله تعالى أعلم.

وقوله: (ضَحَايَا) منصوب على الحال، وهو جمع ضَحِيّة، كهديّة وهدايا، قال ابن الْمُنَيِّر: يَحْتَمِل أن يكون المراد أنه أطلق عليها ضحايا باعتبار ما يؤول إليه الأمر، ويَحْتَمِل أن يكون عَيَّنها للأضحية، ثم قَسَمها بينهم ليحوز كل واحد


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٤٥٥.