٤ - (ومنها): أنه استُدِلّ به على إجزاء الأضحية بالشاة الواحدة، وأن التضحية بكبشين الآتي في الباب التالي ليس على الوجوب، بل على الاختيار، فمن ذبح واحدة، أجزأت عنه، ومن زاد فهو خير، والأفضل الاتباع في الأضحية بكبشين، ومن نظر إلى كثرة اللحم، كالشافعيّ، قال: الأفضل الإبل، ثم الضأن، ثم البقر. قال ابن العربيّ: وافق الشافعيَّ أشهبُ من المالكية، ولا يُعْدَلُ بفعل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - شيء، لكن يمكن التمسك بقول ابن عمر - رضي الله عنهما -: كان يذبح، وينحر بالمصلى؛ أي: فإنه يشمل الإبل وغيرها، قال: لكنه عموم، والتمسك بالصريح أَولى، وهو الكبش.
قال الحافظ: قلت: قد أخرج البيهقيّ من حديث ابن عمر: "كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، يُضَحِّي بالمدينة، بالجزور أحيانًا، وبالكبش، إذا لم يجد جزورًا". فلو كان ثابتًا لكان نصًّا في موضع النزاع، لكن في سنده عبد الله بن نافع، وفيه مقال، وقد ثبت حديث عائشة - رضي الله عنها -: "أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ضَحّى عن نسائه بالبقر"، وقد ثبت في حديث عروة، عن عائشة - رضي الله عنها -، أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أمر بكبش أقرن، يطأ في سواد، وينظر في سواد، ويبرك في سواد، فأضجعه، ثم ذبحه، ثم قال:"باسم الله، اللهم تقبّل من محمد، وآل محمد، ومن أمة محمد"، ثم ضَحَّى، أخرجه مسلم. قال الخطابيّ: قولها: "يطأ في سواد … إلخ": تريد أن أظلافه، ومواضع البروك منه، وما أحاط بملاحظ عينيه، من وجهه أسود، وسائر بدنه أبيض، قاله في "الفتح"(١)، والله تعالى أعلم.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمه الله أوّل الكتاب قال: