بيته، واشتراكهم معه في الثواب، قال النوويّ: وهو مذهبنا، ومذهب الجمهور، وكرهه الثوريّ، وأبو حنيفة، وأصحابه، وزعم الطحاويّ أن هذا الحديث منسوخ، أو مخصوص، وغَلَّطه العلماء في ذلك، فإن النسخ، والتخصيص لا يثبتان بمجرد الدعوى. انتهى (١).
وقال القرطبيّ: فيه من الفقه ما يدلّ على جواز تشريك الرجل أهل بيته في أضحيته، وأن ذلك يجزئ عنهم، وكافة علماء الأمصار على جواز ذلك، مع استحباب مالك أن يكون لكل واحدٍ من أهل البيت أضحية واحدة، وكان أبو حنيفة، وأصحابه، والثوريّ يكرهون ذلك، وقال الطحاويّ: لا يجزئ، وزعم: أن الحديث في ذلك من فِعْل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - منسوخ، أو مخصوص، وممن قال بالمنع: عبد الله بن المبارك.
قال القرطبيّ: وهذه المسألة فيها نظر، وذلك: أن الأصل أن كل واحد مخاطب بأضحية، وهذا متّفَقٌ عليه، فكيف يسقط عنهم بفعل أحدهم؟! وقوله:"اللهم تقبَّل من محمد وآل محمد" ليس نصًّا في إجزاء ذلك عن أهل بيته، بل هو دعاء لمن ضحَّى بالقبول، ويدلُّ عليه قوله:"ومن أمة محمد"، وقد اتَّفق الكل على أن أضحية النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لا تجزئ عن أمته، ولو سُلِّم ذلك لكان يلزم عليه أن تجزئ أضحية النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عن آل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - حيث كانوا، وإن لم يكونوا في بيته، ثم يلزم عليه ألا يدخل أزواجه فيهم؛ فإنَّهم ليسوا آلًا له على الحقيقة اللغوية، وقد تقدَّم القول على آل النبي - صلى الله عليه وسلم - في الزكاة، والذي يظهر لي: أن الحجَّة للجمهور على ذلك: ما رُوي أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ضحَّى عن نسائه ببقرة، وروي: بالبقر. وأيضًا فلم يُرْوَ أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أمر كل واحدة من نسائه بأضحية، ولو كان ذلك؛ لنُقل، لتكرار سِنِيِّ الضحايا عليهن معه، ولكثرتهن، فالعادة تقتضي أن ذلك لو كان لنُقل كما نُقل غير ذلك من جزئيات أحوالهن، فدلَّ ذلك على أنَّه كان يكتفي بما يضحِّي عنه وعنهن، والله تعالى أعلم.
وقد رَوى الترمذيّ عن عطاء بن يسار، قال: سألت أبا أيوب الأنصاريّ: كيف كانت الضحايا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: كان الرجل يضحِّي بالشاة