عنه وعن أهل بيته، فيأكلون، ويطعمون حتى تباهى الناس فيها كما ترى، قال: هذا حديث حسن صحيح. انتهى (١).
قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما ذُكر أن قول الجمهور أن أضحية الرجل الواحدة تجزي عنه وعن أهل بيته هو الحقّ؛ لوضوح أدلّته، فقد كان هذا هو المعمول به في عهده - صلى الله عليه وسلم -، إلى أن تباهى الناس بعده، كما قال جابر - رضي الله عنه -، وأنه لم يُنقل عن أهل بيته - صلى الله عليه وسلم - أنهم ضحّوا غير ضحاياه - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك أصحابه، وقد أجاد القرطبيّ رحمه الله في آخر كلامه حيث قرّر ذلك، واستدلّ له، وإن كان أول كلامه فيه نظر، فتأمله بالإمعان، والله تعالى أعلم.
[تنبيه]: قال القاضي عياض رحمه الله: وضبطُ من يصحُّ أن يُدخله الرجل في الأضحية عندنا بثلاث صفات:
أحدها: أن يكونوا من قرابته، وحُكم الزوجين، وأمِّ الولد حُكمهم عند مالك والكافة. وأباه الشافعي في أم الولد، وقال: لا أجيز لها، ولا للمكاتَب، والمدبَّر، والعبد أن يضحُّوا.
والثاني: أن يكونوا في نفقته، وجبت عليه، أو تطوّع بها.
والثالث: أن يكونوا في بيته، ومساكنته غير نائين عنه، فإن انخرم شيء من هذه الشروط لم يصح اشتراكهم في ضحيَّته.
قال الجامع عفا الله عنه: هذه الشروط تحتاج إلى أدلة، فليُتأمل، والله تعالى أعلم.
قال: ولا يجوز عند جميعهم شركة جماعة في ضحية يشترونها، ويذبحونها عن أنفسهم، أو في هدي إذا كانوا أكثر من سبعة، واختلفوا فيما دونها. فمذهب الليث، ومالك: أن الشركة لا تجوز بوجهٍ فيها؛ كانت بدنة، أو بقرة، أو شاة، أَهْدُوا أو ضحُّوا. وذهب جمهور العلماء من الحجازيين، والكوفيين، والشاميين: إلى جواز اشتراك السبعة فما دون ذلك في البقرة، والبَدَنة، في الهدي والضحيَّة، ولا تجزئ شاة إلا عن واحد.