للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي قاله الجمهور هو الأظهر، والله تعالى أعلم.

قال القرطبيّ: وقد حصل من مجموع حديث عائشة، وأنس، وجابر - رضي الله عنه - أن الأَولى في الأضحية نهاية الكمال في الخلق والصّفة، وهو متفق عليه، وأن الوجاء ليس بنقص؛ لأنَّه وإن كان نقصان عضو، فإنَّه يصلح اللَّحم ويُطَيِّبُه، وقد قلنا: إن الطيب في الأضحية: هو المقصود الأول، وأما العيوب الْمُنَقِّصة، فقال القاضي: أجمعوا أنَّ العيوب الأربعة المذكورة في حديث البراء؛ من: المرَض، والعَجَف، والعَوَر، والعَرَج لا تجزئ بها الضحيَّة. وكذلك ما هو من نوعها أشنع، كالعمى، وقطع الرِّجل. واختُلف فيما عدا ذلك. فذهب قومٌ: إلى أنها تجزئ بكل عيب غير هذه الأربعة؛ إذ لم ينصَّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - على غيرها، وهو موضع بيان، وبه قال بعض أئمتنا البغداديين، وذهب الجمهور إلى اعتبار ما كان نقصًا وعيبًا، ثم اختلفوا في أعيانها على ما ترتَّب في كتب الفقه.

قال الجامع عفا الله عنه: كون ما عدا الأربعة من العيوب غير مانع عن التضحية هو الظاهر؛ لعدم دليل يؤيّده، والله تعالى أعلم.

قال: ولم يخرّج البخاريّ، ولا مسلم حديث عيوب الضحايا؛ لأنَّه مما تفرَّد به عبيد بن فيروز، ولا يُعرف إلا بهذا الحديث، وقد أدخله مالك في "الموطأ" لَمّا صحبه عنده العمل من المسلمين، ولاتفاقهم على قبوله.

قال القاضي عياض: حديث البراء الذي خرَّجه مالك عن عمرو بن الحارث المصريّ عن عبيد بن فيروز، عن البراء بن عازب: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سُئل: ماذا يُتَّقى من الضحايا؟ فأشار بيده وقال: "أربع … "، وذكر الحديث. وهذا الحديث صحيح، وانفراد الثقة به لا يضرُّه، وإنَّما لم يخرِّجه البخاريّ ولا مسلم؛ لأنَّه ليس على ما شرطاه في كتابيهما، وقد خرَّجه النسائيّ، والترمذيّ، وقال: حديث حسن، صحيح، غريب، لا نعرفه إلا من حديث عبيد بن فيروز، وكذلك خرَّج النسائيّ أيضًا حديث عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - من طرق قال فيه: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نستشرف العين، والأذن، وألا نضحِّي بعوراء، ولا مقابَلَة، ولا مُدابَرة، ولا شَرْقاء، ولا خَرْقاء، وفي أخرى: ولا بتراء. وفي أخرى: ولا جدعاء، وصححه الترمذيّ.