للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقوله: أمَرَنا أن نستشرف العين والأذن؛ أي: نرفع نظرنا إلى ذلك، ونختار السالم من عيوب ذينك، ثم فسَّر ذلك بقوله: ولا نضحِّي بعوراء، وبما بعده.

و"المقابلة" هي التي يقطع بعض أذنها، ويترك مُعلَّقًا على وجهها، و"المدابَرة": أن يُترك معلَّقًا إلى خلفها، و"الشرقاء" هي: المشقوقة الأذن طولًا، و"الخرقاء": التي خُرق من غير شق. و"الجدعاء": المقطوعة الأذن، وظاهر عَطْف هذه العيوب على العوراء - وهي لا تجزئ باتفاق - أن لا تجزئ الأضحية مع شيء من هذه العيوب، وهو أصل الظاهرية، لكن لمّا كانت العوراء مقيَّدة بالبيِّن عَوَرُها، كما قال في حديث البراء؛ تحققنا أن المنهيّ عنه من هذه العيوب ما تفاحش منها، ولا شكَّ أن ما أذهب الأُذن من هذه الأمور، أو جلّها لا تجزئ به، وما لم يكن كذلك، فقال أصحابنا في المقطوع بعض أذنها: إن زاد القطع على الثلث منع الإجزاء، وإن نقص عنه أجزأت، واختُلف في الثلث، هل تجزئ أو لا؟ على قولين. وكذلك القول في البتراء، والنظر في آحاد العيوب، وتفصيل الخلاف يستدعي تطويلًا فلنقتصر على ما ذكرناه. انتهى كلام القرطبيّ رحمه الله (١)، وهو بحث مفيدٌ، والله تعالى أعلم.

٤ - (ومنها): ما قاله القرطبيّ رحمه الله: فيه استحباب العدد في الأضاحي، ما لم يقصد المباهاة، وأن المضحِّي يلي ذبح أضحيته بنفسه؛ لأنَّه هو المخاطَب بذلك، ولأنه من باب التواضع، وكذلك الهدايا، فلو استناب مسلمًا جاز، واختُلف في الذميّ، فأجاز ذلك عطاء ابتداءً، وهو أحد قَوْلي مالك، وقال في قول له آخر: لا يُجزئه، وعليه إعادة الأضحية، وكره ذلك جماعة من السلف، وعامة أئمة الأمصار، إلا أنهم قالوا: يجزئه إذا فعل. انتهى (٢).

٥ - (ومنها): استحباب وضع الرِّجل على جانب عنق الذبيحة، وهو المعبَّر عنه بالصِّفاح. وصفحة كل شيء: جانبه وصفحه أيضًا، وإنما يستحب ذلك لئلا تضطرب الذبيحة فتَزِلَّ يدُ الذابح عند الذبح، وقد روي النهي عن


(١) "المفهم" ٥/ ٣٦٥ - ٣٦٧.
(٢) "المفهم" ٥/ ٣٦٢.