للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ويُخْتَبَر عندها، كما قال الله تعالى: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} الآية [التغابن: ١٥]؛ أي: مِحنةٌ تُمتَحنون بها حتى يظهر منكم ما هو خفيّ عمن يُشكل عليه أمركم. انتهى (١).

وقال القاضي عياض - رَحِمَهُ اللهُ -: فتنةُ الرجل في أهله وماله وولده ضُرُوب من فَرْط محبته لهم، وشُحّه عليهم، وشُغْله بهم عن كثير من الخير، كما قال تعالى: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} [التغابن: ١٥]، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الولدُ مَجْبَنةٌ مَبْخَلة" (٢)، أو لتفريطه في القيام بما يَلزم من حقوقهم، وتأديبهم، وتعليمهم، فإنه راع لهم ومسؤول عنهم، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "كلّكم راع، ومسؤولٌ عن رعيّته"، متّفقٌ عليه، وكذلك فتنة الرجل في جاره من هذا، فهذه كلُّها فِتَنٌ تقتضي المحاسبةَ، ومنها ذنوب يُرْجَى تكفيرها بالحسنات، كما قال تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} الآية [هود: ١١٤]. انتهى كلام القاضي - رَحِمَهُ اللهُ - (٣).

(قَالُوا: أَجَلْ) كنَعَم وزنًا ومعنًى، قال المجد - رَحِمَهُ اللهُ -: أَجَلْ: جوابٌ كنَعَم، إلَّا أنه أحسن منه في التصديق، ونَعَم أحسن منه في الاستفهام. انتهى (٤).

(قَالَ) عمر - رضي الله عنه - (تِلْكَ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ، وَالصِّيَامُ، وَالصَّدَقَةُ) ولفظ الأعمش الآتية في "الفتن": "قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: فتنة الرجل في أهله، وماله، ونفسه، وولده، وجاره، تكفّرها الصيام، والصلاة، والصدقة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر".

قال في "الفتح": قال بعض الشرَّاح: يَحتَمِلُ أن يكون كلُّ واحدة من الصلاة وما معها مكفِّرةً للمذكورات كلِّها، لا لكل واحدة منها، وأن يكون من باب اللَّفّ والنشر بأن الصلاة مثلًا مكفِّرة للفتنة في الأهل، والصوم في الولد … إلخ.

قال: والمراد بالفتنة ما يَعْرِض للإنسان مع مَن ذُكِر من البشر، أو الالتهاء بهم، أو أن يأتي لأجلهم بما لا يَحِلّ له، أو يُخِلّ بما يجب عليه.


(١) "المفهم" ١/ ٣٥٧ - ٣٥٨.
(٢) حديث صحيح أخرجه ابن ماجة في "سننه" رقم (١٢٥٩).
(٣) "إكمال المعلم" ١/ ٥٦٥ - ٥٦٧.
(٤) "القاموس المحيط" ص ٨٦٤.