للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لعمر بما سأل عنه، وإنما كَنَى عنه كنايةً، وكأنه كان مأذونًا له في مثل ذلك.

وقال النوويّ: يَحْتَمِل أن يكون حذيفة عَلِم أن عمر يُقْتَل، ولكنَّه كَرِهَ أن يخاطبه بالقتل؛ لأن عمر كان يَعْلَم أنه الباب، فأَتَى بعبارة يَحصُل بها المقصود بغير تصريح بالقتل. انتهى.

قال الحافظ: وكأنهْ مَثَّلَ الفتن بدار، ومَثَّل حياةَ عمر بباب لها مُغْلَقٍ، ومَثَّل موته بفتح ذلك الباب، فما دامت حياة عمر موجودةً فهي الباب المغلَقُ، لا يَخرُج مما هو داخل تلك الدار شيءٌ، فإذا مات فَقَد انفتح ذلك الباب، فخرج ما في تلك الدار. انتهى (١).

(قَالَ حُذَيْفَةُ) - رضي الله عنه - (سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "تُعْرَضُ الْفِتَنُ) فعلٌ، ونائب فاعله (عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ) أي: تَلْصَقُ الفتن بعَرْض القلوب، أي: جانبها، كما يَلْصَقُ الحصير بجنب النائم، ويؤثّر فيه شدّةُ التصاقه به.

وقال ابن الأثير رحمه اللهُ: أي: توضع عليها، وتُبْسط كما يُبْسط الحصير، وقيل: هو من عَرْض الْجُنْد بين يدي السلطان لإظهارهم، واختيار أحوالهم. انتهى (٢).

وقوله: (عُودًا عُودًا) قال ابن الأثير رحمه اللهُ: هكذا الرواية بالفتح؛ أي: مرّةً بعد مرّة، ورُوي بالضمّ، وهو واحد العِيدان، يعني: ما يُنسج به الحَصِير من طاقاته، ورُوي بالفتح مع ذال معجمة، كأنه استعاذ من الفتن. انتهى (٣).

وقال النوويّ رحمه اللهُ: هذان الحرفان مما اختُلِف في ضبطه على ثلاثة أوجه:

[أظهرها وأشهرها]: عُودًا بضم العين، وبالدال المهملة.

[والثاني]: بفتح العين، وبالدال المهملة أيضًا.

[والثالث]: بفتح العين، وبالذال المعجمة، ولم يذكر صاحب "التحرير" غير الأول.

وقال القرطبيّ رحمه اللهُ: قوله: "كالحصير عُودًا عُودًا" قُيِّد ثلاث تقييدات،


(١) "الفتح" ٦/ ٧٠١ "كتاب المناقب" (٣٥٨٦).
(٢) "النهاية" ٣/ ٢١٥.
(٣) "النهاية" ٣/ ٣١٧ - ٣١٨.