للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قيّده القاضي الشهيد (١) بفتح العين المهملة، والذال المعجمة، وقيّده أبو بحر سفيان بن العاصي بضمّ العين، ودال مهملة، واختار أبو الحسين بن سراج فتح العين والدال المهملة.

فمعنى التقييد الأول: سؤال الإعاذة، كما يقال: غَفْرًا غَفْرًا، أي: اللهمّ اغفر، اللهمّ اغفر.

وأما التقييد الثاني: فمعناه أن الفِتَنَ تتوالى واحدةً بعد أخرى، كنسج الحصير عُودًا بإزاء عود، وشطبةً بإزاء شطبة (٢)، أو كما يُناوِلُ مهيّئ القُضبان للناسج عُودًا بعد عُود.

وأما التقييد الثالث: فمعناه قريبٌ من هذا، يعني: أن الفتنة كلّما مضت عادت، كما يفعل ناسج الحصير، كلّما فَرَغَ من موضع شطبة، أو عُود عاد إلى مثله، والمعنى الثاني أمكن، وأليق بالتشبيه، والله تعالى أعلم. انتهى كلام القرطبيّ - رحمه الله - (٣).

وقال القاضي عياض - رحمه الله -: كذا روينا هذا الحرف عن القاضي الشهيد بفتح العين والذال المعجمة في الأمّ، وضبطناه على ابن العاصي وغيره "عُودًا عُودًا" بضمّ العين، ودال مهملة، ووقع عند بعضهم "عَوْدًا عَوْدًا" بفتح العين، وبالدال المهملة أيضًا، وهو اختيار شيخنا أبي الحسن بن سِرَاج من جميع وجوه رواياته، قال لي: ومعنى "تُعْرَضُ" أي: كأنها تَلْصَق بِعَرْض القلوب، أي: جانبها، كما يَلْصَقُ الحصير بجنب النائم، ويُؤَثِّر فيه شدّةُ لَصْقها به، قال: ومعنى "عَوْدًا عَوْدًا": أي: تُعادُ وتُكَرَّر عليه شيئًا بعد شيء، قال: ومن رواه بالذال المعجمة، فمعناه سؤال الإعاذة منها، كما يقال: غَفْرًا غَفْرًا، وغُفْرَانَك، وبذلك انتصب، أي: نسألك أن تُعيذنا من ذلك، وأن تَغْفِر لنا.

قال القاضي: وأما غيره ممن باحثناه من شيوخنا، وكاشفناه عن هذا،


(١) هو أبو عليّ الحسين بن محمد الصدفيّ.
(٢) "الشَّطْبَة" بفتح، فسكون: سَعَفَةُ النخل الخضراء، وجمعها شَطْبٌ، مثل: تمرة وتمر. اهـ. "المصباح" ١/ ٣١٢.
(٣) "المفهم" ١/ ٣٥٨ - ٣٥٩.