للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لا فرع واجب، ولا عتيرة واجبة، قال: والحديث الآخر يدلّ على هذا المعنى، فإنه أباح له الذبح، واختار له أن يعطيه أرملة، أو يَحْمِل عليه في سبيل الله، قال: وقوله - صلى الله عليه وسلم - في العتيرة: "اذبحوا لله في أيِّ شهر كان"؛ أي: اذبحوا إن شئتم، واجعلوا الذبح لله في أيّ شهر كان، لا أنها في رجب دون غيره من الشهور.

قال النووي: والصحيح عند أصحابنا، وهو نصّ الشافعيّ استحباب الفَرَع، والعَتِيرة، وأجابوا عن حديث: "لا فَرَعَ، ولا عَتِيرة" بثلاثة أوجه:

[أحدها]: جواب الشافعيّ السابق، أن المراد نفي الوجوب.

[والثاني]: أن المراد نفي ما كانوا يذبحون لأصنامهم.

[والثالث]: أنهما ليسا كالأضحية في الاستحباب، أو في ثواب إراقة الدم، فأما تفرقة اللحم على المساكين، فَبِرّ، وصدقة، وقد نَصّ الشافعيّ في "سنن حرملة" أنها إن تيسَّرت كلَّ شهر كان حسنًا، هذا تلخيص حُكمها في مذهبنا، وادَّعَى القاضي عياض أن جماهير العلماء على نَسْخ الأمر بالفَرَع، والعتيرة، والله أعلم. انتهى كلام النوويّ - رحمه الله - (١).

وقال في "الفتح": واستنبط الشافعي منه - أي: من حديث: "لا فَرَع ولا عَتِيرة" - الجوازَ إذا كان الذبح لله؛ جمعًا بينه وبين حديث: "الفَرَعُ حَقٌّ"، وهو حديث أخرجه أبو داود، والنسائيّ، والحاكم، من رواية داود بن قيس، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه عبد الله بن عمرو، كذا في رواية الحاكم: "سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الفَرَع، قال: الفَرَع حقّ، وأن تتركه حتى يكون بنت مخاض، أو ابن لبون، فتَحْمِل عليه في سبيل الله، أو تعطيه أرملة خير من أن تذبحه، يلصق لحمه بوبره، وتُوَلِّه ناقتك".

وللحاكم من طريق عمار بن أبي عمار، عن أبي هريرة من قوله: "الفرعة حقّ، ولا تذبحها، وهي تلصق في يدك، ولكن أمْكِنها من اللبن حتى إذا كانت من خيار المال، فاذبحها".

قال الشافعيّ فيما نقله البيهقي من طريق المزنيّ عنه: الفرَع شيء كان


(١) "شرح النوويّ" ١٣/ ١٣٦ - ١٣٧.